قضايا ودراسات

دور متنامٍ للجيش الليبي

صادق ناشر
لا يزال الجيش الوطني الليبي يلعب دوراً متنامياً في تثبيت الأمن والاستقرار في ربوع البلاد، ويمكن تفهم هذا الدور من خلال العمليات التي نفذها في الآونة الأخيرة في مدينة بنغازي، حيث كثف من ضرباته البرية والجوية على آخر معاقل التنظيمات المتطرفة، بخاصة تلك التي كانت تتواجد في شمالي المدينة، وبالذات في «سوق الحوت».
الأنباء القادمة من ليبيا تشير إلى أن الجيش هناك سيطر على مبنى محكمة شمال بنغازي والمباني المجاورة، وعمل على تأمينها بعد هروب المتطرفين عبر أنفاق الصرف الصحي التي تستخدم من قبلهم كممرات تحت الأرض منذ اندلاع المواجهات، وجرت مطاردتهم إلى خارج المدينة.
الإنجازات التي تحققت في بعض المناطق الليبية، بخاصة في بنغازي، وسيطرة الجيش الوطني على ميناء المدينة، وعلى مبنى الأمن الداخلي، الذي كانت تسيطر عليه جماعة ما تسمى «درع ليبيا الإسلامية» والتي صنفت عام 2014 جماعة إرهابية، بالإضافة إلى مصرف الجمهورية ومبنى شرطة المدينة وغيرها، تؤكد جدية الجيش الوطني في الإمساك بالأمور بشكل أكثر فعالية من المرات السابقة، مستفيداً من الدعم الذي يحصل عليه من الجيش المصري، الذي نفذ خلال الأسابيع القليلة الماضية عدداً من الغارات الجوية على مواقع الجماعات المتطرفة، بخاصة في منطقة درنة.
دور الجيش الليبي في الصراع الراهن يمكن أن يكتسب أهمية كبيرة، بخاصة مع الرغبة لدى الكثير من القوى الإقليمية والدولية في إيجاد طرف قوي يلتف حوله الليبيون، ويكون قادراً على تنفيذ القرارات التي تجمع عليها القوى السياسية والعسكرية والقبلية في هذا البلد الذي تمزقه الصراعات المسلحة منذ عام 2011، عند بدء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالتغيير، والتي أفضت إلى نهايات مأساوية بمقتل الزعيم الليبي معمر القذافي، ودخول البلاد في صراعات دامية لا تزال تداعياتها قائمة حتى اليوم.
يدرك الليبيون أن الصراعات التي تعيشها بلادهم اليوم، لن تزيد البلاد إلا المزيد من التشرذم والانقسام، ولعل تغيير مبعوث جديد للأمم المتحدة لمتابعة جهود إحلال السلام في البلاد وهو غسان سلامة عوضاً عن المبعوث السابق مارتن كوبلر يشكل بداية الطريق لاستعادة السلام المفقود، والذي يغذيه استمرار القتال في أكثر من منطقة.
وجاء ترحيب مختلف أطراف الأزمة الليبية بالمبعوث الأممي الجديد ليعكس رغبة لدى الشعب الليبي في وضع نهاية للصراع الذي تعيشه البلاد، وأدى إلى مقتل وجرح عشرات الآلاف، وبدد ثرواتها ووضعها في طريق الشتات والتمزق، لكن الأهم ليس في تعيين مبعوث جديد، بل في توفر رغبة ونية صادقة لدى الجميع وتأسيس أرضية صلبة يكون معها المبعوث الجديد قادراً على معالجة القضايا الخلافية التي تحول دون تحقيق مصالحة وطنية شاملة بين اللاعبين السياسيين والعسكريين والقبليين في البلاد، ولعل إطلاق سراح سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم معمر القذافي مؤخراً، يكون فاتحة لمزيد من التفاهمات الليبية الليبية تفضي في نهاية المطاف إلى حل للأزمة المتصاعدة منذ أكثر من ست سنوات.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى