روحانية الكتاب
مريم البلوشي
بدأ الموسم الثقافي بانطلاق معرض الشارقة الدولي للكتاب، ذلك العرس الجميل الذي ترى فيه الكثير من الأسماء والكتب، تحتار وتحاول أن تنتقي الأفضل وكم هناك من الأفضل الكثير، في حالة من التناغم بين يديك وعينيك وقلبك لتلك الحروف التي سطرت في الكتب وأعتقت من أصحابها لتكون رسولاً لعقلك، بين ذاك الجهد والتعب وحالات المخاض والولادة عند الكثيرين من الخاصرة، بين جميل وعسير، سهل وصعب، أدب ولا أدب، بين العمق والألق، بين الكل ودون الكل، أنت وحالة من غرام وعشق.. تختار من تريد حتى تصبح لك هي ما تريد. ويستمر العرس ويتوالى في الخليج من معارض شتى وتنقلات للكتب والدور في الكثير والكثير بين من يأتيك فيسأل: ما هي أكثر الكتب مبيعاً؟ فكأنما هي بضاعة ملقاة لا سحر لها ولا وجد، تجده يأخذ الأكثر مبيعاً وينطلق للدفع، كنت أناظر هذه المواقف وأتساءل كقارئة وكاتبة أيضاً: أين تلك الروح التي تبحث عن هواها؟ أين من يقلب الصفحات، ويقرأ قليلاً حتى يكون البعد الروحي بينه وبين السطور فيحس أنها تناديه ليقرأ؟ أين حتى من يفتح القليل من فهرس أو مقدمات فيقرأ؟ هل أصبحنا بلا روحانية؟ أين روحانية الكتاب؟ وهل صرنا نجهل المضمون لنحظى بالأرقام والإحصائيات التي لا تكون حقيقية أحياناً، وأحياناً يختلف المضمون عما نبحث عنه؟
في موقف آخر استعجب من يبيع في الدار من أحدهم وهو يناقش ويسأل، يقلب الروايات والنصوص، يقرأ ويحاول أن يجد الأنسب فيفاجئه صاحبنا «أنت صعب في الاختيار»، ليس هناك صعوبة بل هناك روحانية مع الكتاب، فلماذا نشتري ولا نأبه بما نشتريه؟ كيف يكون جزءاً منا، من كتبنا ومكتباتنا ونحن لا ندري حتى لم ابتعناه؟ القصص كثيرة وما زلت أحاول أن أتجنب الحديث عن تلكم المواقف الكثيرة حتى لا أصاب برعشة الخذلان اليوم من القارئ.
جميل أن نحضر لمعارض الكتاب ونبحث عن الجديد. جميل أن تكون في يدنا قائمة الكتب التي نود أن نقتنيها ونكون من أصحابها. وكم هو جميل أن نعيش مع الكتاب من الغلاف إلى الغلاف، أن يكون صديقنا ورفيقنا، وحالة من استثناء ترافقنا. ليس المهم الكم بل الكيف الذي يحولنا لحالة تناغمية مع ما نقرأ، الحالة الوجدانية التي تغيب للحظات وما إن نمسك دفتي الكتاب حتى تنفضنا وتعيدنا لحياة الحب والغرام، حالة من هدوء وانعزال، عوالم لا ندركها إلا بين الرفوف والكتب.
Mar_alblooshi@hotmail.com