زعيمة ميانمار قد تتهم بالإبادة
جاستن رولات*
أكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، تصميمه على أن يواجه مرتكبو الفظائع ضد الروهينجا المسلمين في ميانمار العدالة. وبحكم منصبه، فإن مواقفه وآراءه لها وزن.
مثل هذه المحاسبة القضائية يمكن أن تطال قمة السلطة السياسية في ميانمار. ولا يستبعد زيد رعد الحسين احتمال أن تجد الزعيمة الفعلية لميانمار (الحائزة على جائزة نوبل للسلام) مستشارة الدولة (منصب يعادل رئاسة الوزارة ) أونغ سان سو كيي وقائد القوات المسلحة الجنرال أونغ مين هلينغ نفسيهما في وقت ما من المستقبل في قفص الاتهام بتهم ارتكاب جريمة إبادة جماعية.
وفي وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول، أبلغ زيد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنه بالنظر إلى أن اضطهاد جماعة الروهينجا يتم بصورة منهجية وعلى نطاق واسع، فإنه لا يمكن استبعاد حدوث إبادة جماعية. وقال المفوض السامي في مقابلة مع برنامج «بانوراما» لمحطة ال «بي بي سي» أجريت في مقر الأمم المتحدة في جنيف: «نظراً إلى النطاق الواسع للعملية العسكرية ( ضد الروهينجا )، ستكون هناك بالتأكيد قرارات تتخذ على مستوى عال».
والإبادة الجماعية هي إحدى المسائل التي كانت موضع مناقشات عديدة. وهي تهمة رهيبة، وتوصف بأنها «جريمة الجرائم». وقلائل جداً من الأشخاص أدينوا بها حتى الآن.
وعقب تأسيس الأمم المتحدة، وقعت الدول الأعضاء اتفاقية دولية حددت الإبادة الجماعية على أنها أعمال ترتكب بقصد إبادة جماعة معينة.
ومهمة إثبات أن أعمال إبادة جماعية قد ارتكبت ليست من اختصاص زيد رعد الحسين، حيث إن محكمة فقط يمكنها ذلك. ولكن المفوض السامي دعا إلى تحقيق جنائي مع مرتكبي ما وصفه ب «هجمات وحشية بشكل مريع» ضد جماعة الروهينجا العرقية المسلمة في ولاية راخين بشمال ميانمار.
وقد أقر المفوض السامي نفسه بأن توجيه تهمة الإبادة مسألة صعبة: «من البديهي أنه إذا كان شخص ما يخطط لارتكاب جريمة إبادة فهو لن يوثقها خطياً. ولهذا فإن تقديم أدلة أمر صعب. ومع ذلك، لن أفاجأ إذا قررت محكمة في المستقبل توجيه هذه التهمة استناداً إلى ما نراه اليوم».
وبحلول بداية ديسمبر/كانون الأول 2017، كان نحو 650 ألف شخص من الروهينجا – أي حوالي ثلثي مجموع هذه الجماعة – قد فروا من ميانمار في أعقاب هجمات شنها الجيش الحكومي ابتداء من أواخر أغسطس/ آب. وقد تم إحراق مئات القرى، فيما تحدثت التقارير عن مقتل آلاف الأشخاص.
وحسب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، هناك أدلة على أن فظاعات رهيبة قد ارتكبت، من مجازر، وجرائم قتل، وأعمال اغتصاب جماعية.
ومن الواضح أن ما يغيظ مفوض حقوق الإنسان هو أنه سبق أن حث شخصياً سو كيي، على القيام بعمل من أجل حماية الروهينجا، وذلك قبل ستة أشهر من تفجر العنف ضدهم على نطاق واسع في أغسطس/ آب. وقد قال إنه تحدث إليها هاتفياً عندما نشر مكتبه تقريراً حول المسألة في فبراير/ شباط، وهو تقرير وثق فظاعات رهيبة خلال موجة عنف بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2016. وقال: «ناشدتها أن توقف تلك العمليات العسكرية، ولكنني أشعر بأسف شديد لأن ذلك لم يحدث».
وسلطة سو كيي على الجيش محدودة، ولكن زيد رعد الحسين يعتقد أنه كان يترتب عليها أن تفعل المزيد لمحاولة وقف حملة الجيش. وقد انتقدها لأنها امتنعت عن استخدام اسم «الروهينجا».
كما أعرب المفوض السامي عن اعتقاده بأن جيش ميانمار تجرأ وشن حملته ضد الروهينجا عندما لم يتخذ المجتمع الدولي أي عمل ضده عقب تفجر العنف في 2016. وقال: «افترض أنهم (الجيش) استنتجوا عندئذ إن بإمكانهم مواصلة حملتهم من دون خوف من عواقب».
وقالت حكومة ميانمار إن عملية الجيش كانت رداً على هجمات إرهابية وقعت في أغسطس/ آب وقتل فيها 12 عنصراً من القوات الأمنية.
ولكن برنامج «بانوراما» لمحطة ال «بي بي سي» جمع أدلة أظهرت أن الاستعدادات للهجوم على الروهينجا كانت قد بدأت قبل ذلك بوقت طويل. وشملت الأدلة قيام سلطات ميانمار بتدريب وتسليح مجموعات محلية من البوذيين. وبعد أسابيع من بدء العنف عام 2016، قدمت حكومة ميانمار عرضاً: «كل شخص من الراخين (البوذيين) يرغب في حماية ولايته يمكنه أن يصبح عنصراً في الشرطة المسلحة المحلية» في ولاية راخين.
والروهينجا الذين فروا إلى بنغلاديش اتهموا شرطة راخين بالمشاركة في عمليات الجيش ضدهم.
*مراسل محطة الـ «بي بي سي» في جنوب آسيا – موقع المحطة