سعادة المتقاعدين
محمد القبيسي
يعدُّ الراتب العمود الفقري في حياة معظم الموظفين، علاوة على الخدمات التي توفرها الدولة لجميع فئات أبنائها من مواطنين ومقيمين على أرضها، من تعليم وصحة وخدمات اجتماعية وفعاليات ثقافية أم ترفيهية وسُبل نقل ذات جاهزية عالية وسواها.
اليوم نتطلَّع إلى مستقبل سعيد تسعى الحكومة الرشيدة جاهدة لتحقيقه تحت شعار «سعادة المواطن أولوية في سياسات الحكومة وخططها الاستراتيجية»، بعد أن جاء استحداث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في التشكيل الوزاري، في فبراير 2016م، منصباً جديداً تحت مسمى «وزير دولة للسعادة» ترجمة لهذا النهج، وتم تعيين معالي عهود بنت خلفان الرومي وزير دولة للسعادة وجودة الحياة لتتولى مسؤولية تحقيق سعادة المجتمع، وأعلنت معاليها عن البرنامج الوطني للسعادة، ليكون بمثابة خارطة طريق لتحقيق هذا الهدف، وأكَّدت على ضرورةكسر الحواجز والمعوقات أمام تطلعات المواطنين والمقيمين على حد سواء لتحقيق العيش الكريم والرغيد.
ولعلنا في هذا السياق نتطرَّق للحديث عن فئة المتقاعدين التي تعدُّ من بين أكثر الفئات المجتمعية أهمية، والتي نرجو من معالي وزيرة السعادة أن توليها اهتماماً خاصاً، إذ يتطلَّع أفرادها إلى الأمن المعيشي في حياتهم ما بعد التقاعد.
الكثير من الموظفيين اليوم لديهم التزامات معيشية مهمة كثيرة اضطرت العديد منهم للجوء إلى القروض البنكية لسد هذه الاحتياجات، وهنا أتكلم عن الاحتياجات الاساسية وليس الكماليات التي يمكن للمتقاعدين التنازل عنها ما دامت ستؤثر على استقرار حياتهم بعد التقاعد. عموماً يجد المتقاعد نفسه في دوامة كبيرة خصوصاً لو أمعنا النظر في الراتب وتقسيماته، حيث ينكمش انكماشاً كبيراً قد يصل إلى أقل من النصف بعد خصم العديد من العناصر والعلاوة التكميلية وغيرها من العلاوات، إذ يتم حسابه بناء على الراتب الأساسي الذي قد لا يفي بهذه الالتزامات، وبذلك تزداد الفجوة بين ما كان عليه الموظف قبل التقاعد وما آلت إليه حاله بعد أن يتقاعد فيخسر حصة كبيرة من راتب كان سبباً في رخاء معيشته, ويجد صعوبة في التراجع عن نمط الحياة التي اعتاد عليها هو وأسرته ومن يعيل.
إضافة إلى أن هناك بعض الحالات الفردية من المتقاعدين بوقت مبكر وبأعمار صغيرة لأسباب صحية أو نتيجة التعرض لحوادث تقعدهم عن العمل، ينجبون أولاداً بعد تقاعدهم فلا يحظون بعلاوة للأبناء تمكنهم من تأمين احتياجاتهم والاستمرار في عيش النمط ذاته من الحياة التي اعتادوا عليها عندما كانوا على رأس عملهم.
نحن ولله الحمد نعيش في دولة تسعى على الدوام لتعزيز بيئة السعادة والإيجابية والارتقاء بمستوى الخدمات لإسعاد كل من يعيش على أرضها، فلا بد أن نسعى لإسعاد من قدموا الكثير في سبيل الوطن.
وأقترح بهذا الصدد أن تُخصَّص لجنة اختصاصية متفرغة كلياً، وأعني بكلمة متفرغة أنه ليس لديها أي عمل آخر غير هذا العمل الذي يتطلب إجراءات سريعة لا تحتمل التأجيل أو وجود التزامات أخرى لدى أعضاء هذه اللجنة، حيث تقوم بدراسة حالات المتقاعدين وتقدم له العون من خلال استحداث صندوق يتم إنشاؤه ليضمَّ أعضاء من جميع بنوك الدولة وجهات راعية عامة وخاصة وشخصيات من أصحاب الأيادي البيضاء، إضافة لعمل أوقاف في جميع أنحاء الدولة لدعم هذا الصندوق.
كما تُعنى اللجنة بدراسة الحالات التي تلزم تدخل هذا الصندوق لضمان استمرار الأسر التي أحيل معيلوها إلى التقاعد وتضمن مساعدتهم في سد جميع التزاماتهم إن أمكن، على أن يكون الهدف الرئيسي هو مساعدة المتقاعد على مواصلة حياته مابعد التقاعد دون أي التزامات أو قروض سبق له وأن اضطر إلى أخذها راجياً أن تكون عوناً له على الاستمرار في نمط الحياة ذاته الذي اعتاد عليه هو وأسرته ومن يعيل حينما كان موظفاً.
ويحدونا الأمل أن تلقى كلماتنا صدى إيجابياً عند معالي وزيرة السعادة عهود بنت خلفان الرومي التي قدمت جهوداً عظيمة سعياً لتحقيق رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة وتطلعاتها نحو مجتمع سعيد، يحيا جميع أفراده برخاء وأمن وسلام.