قضايا ودراسات

سلطان التنمية والثقافة

خالد عبدالله عمران
تثبت الشارقة، على يد الدكتور سلطان، أن الثقافي هو سياسي بامتياز، وأن الثقافي هو تنموي بما لا يقاس، لا على سبيل النظر فقط، وإنما على صعيد تطبيق هو اليوم يجد أصداءه العالمية، ولم يأت هذا مصادفة أو من فراغ، فوراءه تخطيط وعمل شاق وإصرار، ووراءه جهد متعاظم بذله صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في زمن يقارب الآن العقود الخمسة، فيما يبدو هذا الزمن قصيراً بالنسبة لمنجز الشارقة المتفرد في كونه ثقافياً أولاً، وتنموياً أولاً، وكونه يجمع التنمية الثقافية والتنمية الاقتصادية باعتبارهما جناحين يحلِّق بهما بعيداً وعميقاً نحو تحقيق الشارقة، المدينة والإمارة، الفكرة والمشروع.
وها هو مشروع الشارقة الحضاري يصل إلى واحدة من ذرواته المتواصلة. فقد اختارت المنظمة العالمية للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) الشارقة عاصمة عالمية للكتاب (2019).
هو العالم، كل العالم، ينتخب الشارقة عاصمة للكتاب، ومحور القول إنه استحقاق مستحق، حيث ملف الشارقة المتصل بالكتاب والثقافة مثير للإعجاب حقاً، فلقد سعى الدكتور سلطان، الحاكم العالم، إلى تحقيق ثقافة نوعية مقرونة بتنمية نوعية، وقد وصل في ذلك، بتوفيق الله، وباشتغال القيادي العارف المعني بالمسألة الثقافية، في شمولها وفي تفاصيل التفاصيل، إلى نتائج تندرج في السجل العالمي غير المسبوق، عبر عناصر المبادرة والريادة والسبق والابتكار، وعبر ربط حركة التعليم بحركة الثقافة، وربطهما معاً بنهضة الكتاب، ففي كل دائرة ومؤسسة مكتبة، وفي كل بيت مكتبة، وفي كل مدرسة وجامعة مكتبات تليق باسم الشارقة عاصمة عالمية للثقافة والكتاب. وإذا كانت الشارقة نجحت في تطوير معرضها الدولي للكتاب الذي يصنف اليوم ثالثاً على مستوى العالم، فإن مدينة الشارقة للنشر والكتاب التي ينتظر أن يفتتحها صاحب السمو الحاكم في شهر نوفمبر/‏ تشرين الثاني المقبل، بالتزامن مع افتتاح معرض الشارقة الدولي للكتاب، ستكون الأولى من نوعها عالمياً، وستسهم في أن يحتل معرض الشارقة للكتاب المرتبة الأولى عالمياً.
وإذا كانت الشارقة عاصمة الثقافة العربية مرة (1998)، وعاصمة الثقافة الإسلامية تارة (2014)، وعاصمة السياحة العربية تارة أخرى (2015)، فإنها، في عقول وقلوب العرب في كل مكان، عاصمة الثقافة الدائمة، سواء وهي تنظم 3000 فعالية ثقافية سنوياً في الداخل، أو حين تكرّس مكاناً لا يلتقي المثقفون العرب في غيره كما يلتقون فيه، أو حين يصل إشعاعها الثقافي إلى مناطق عربية قريبة وبعيدة، لتسهم في نهضة ثقافية عربية مهندسها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان، حيث يقدم سموه خدمات جليلة مشهودة في خدمة اللغة العربية ومجامعها، وفي توثيق وتحقيق التراث والمخطوط العربي والإسلامي، وفي إحياء الشعر العربي عبر بيوت الشعر التي يطلقها في مختلف المناطق العربية.
ذلك طرف من الحكاية، وفيها، بعد، ما يعجز ويذهل، وأوله الشارقة عنواناً لتنمية مثقفة، حيث الثقافة أسلوب تنمية ونهج بناء، وحيث مشروع الدكتور سلطان الحضاري يرتقي بكل خطوة حكومية أو قرار، في أفق ثقافة تتعامل مع المستقبل وكأنه حاضر، ومع الحاضر وكأنه مستقبل.

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى