قضايا ودراسات

شيخوخة سكان آسيا تقلق صُنّاع القرار

نيل كيبرلي

يقول صندوق النقد الدولي، إن آسيا آخذة في التحول من كونها أكبر مساهم في عدد السكان في سنّ العمل في العالم، إلى طرح مئات الملايين من الناس من ذلك العدد.
قال صندوق النقد الدولي في الأسبوع الماضي، إن آسيا ما زالت بطلة النموّ في العالم، ولكن على المدى المتوسط، هنالك سحابة رمادية كبيرة تلوح في الأفق. آسيا تشيخ بسرعة، والحقيقة الصعبة هي أنها قد تفعل ذلك قبل أن تصبح غنية.
وسوف يتعين على صُنّاع السياسات في جميع أنحاء المنطقة، مواجهة هذه التحديات الديموغرافية. كتب المحللون في بنك ستاندرد تشارترد، إن «الدعم المؤسسي ليس موجوداً حتى الآن للاستجابة للارتفاع السريع في الشيخوخة. ولا تزال نظم المعاشات التقاعدية غير قابلة للاستدامة على الرغم من الإصلاحات الأخيرة في السياسات».
وقد تناولت التوقعات الاقتصادية الإقليمية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي أجراها صندوق النقد الدولي في الأسبوع الماضي، مسألة الشيخوخة، مشيرة إلى أن «آسيا استفادت في العقود الماضية كثيراً من التوجهات الديموغرافية، إلى جانب استفادتها من السياسات القوية». كما حققت مكاسب اقتصادية من «عائد ديموغرافي» ناشئ من أن حجم مستودع الأيدي العاملة قد نما بوتيرة أسرع من وتيرة نموّ عدد المعالين.
ولكنه قال «إن هذه المكاسب توشك على الانتهاء بالنسبة لكثير من الاقتصادات الآسيوية» و«في سياق عالمي، تمضي آسيا في التحوّل من كونها أكبرَ مساهم في عدد السكان في سن العمل في العالم، إلى طرح مئات الملايين من الناس من هذا العدد».
وقال صندوق النقد الدولي «من المتوقع أن تكون منطقة شرق آسيا على وجه الخصوص، أسرع المناطق شيخوخة في العالم في العقود القادمة، مع زيادة نسبة إعالة الشيخوخة ثلاثة أضعاف تقريباً بحلول عام 2050».
واليابان هي أكثر بلد في العالم شيخوخة، حيث بلغت نسبة إعالة الشيخوخة 43.3% في نهاية عام 2015. ومن المتوقع أن ترتفع إلى 70.9% بحلول عام 2050.وتُعرَّف هذه النسبة بأنها مقياس لحجم السكان الذين هم في سن 65 عاماً فما فوق، كنسبة من عدد السكان في سنّ العمل، التي تعرَّف بأنها تضم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً.
وبالنسبة إلى هونج كونج، كان الرقم في نهاية عام 2015 هو 20.6% ولكن يتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع إلى 64.6% في عام 2050. بينما تبلغ الأرقام المعادِلة بالنسبة إلى الصين 13.1% و46.7% على التوالي. وكلا الاقتصاديْن سوف يشيب.
إن وتيرة شيخوخة السكان في آسيا هي التي تهيمن على المشهد. وبينما استغرق الأمر أكثر من نصف قرن، لكي ترتفع نسبة الإعالة لكبار السنّ في الولايات المتحدة إلى 20% من 15%، و26 عاماً في أوروبا، فقد حققت هونج كونج هذه النقلة في أقل من 20 عاماً، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تستغرق الصين أقل من عقد من الزمن.
وهذا يعني، كما يقول صندوق النقد الدولي: «إن الدول في آسيا سيكون لديها وقت لتكييف السياسات مع مجتمع أكبر سِنّاً، أقل من الوقت الذي استغرقه العديد من الاقتصادات المتقدمة»، وأن «بعض الدول في آسيا تزداد شيخوخة قبل أن تصبح غنية، أو بعبارة أخرى، من المرجح أن تواجه تحديات ارتفاع التكاليف المالية للشيخوخة والرياح الديموغرافية المعاكسة للنموّ عند مستويات دخل فردي منخفضة نسبياً».
وسيتعيّن على واضعي السياسات في آسيا معالجة هذه القضايا.
وتشجيع العمال الأجانب، بما في ذلك من خلال برامج العمال الضيوف التي تستهدف مهارات معينة «هو أحد المجالات التي يركز عليها صندوق النقد الدولي، مشيراً، ضمن أمور أخرى، إلى أن حالة هونج كونج تبيّن أن «الهجرة يمكن أن تطيل العائد الديموغرافي، أو تخفف من الأثر السلبي للشيخوخة السريعة».
ومن بين خيارات السياسات الأخرى، التي ذكرها صندوق النقد الدولي بالنسبة إلى الصين وهونج كونج، ولآسيا ككل من دون شك، زيادة مشاركة النساء وكبار السن في قوة العمل. وقد يتطلب ذلك توسيع مرافق رعاية الأطفال أو تعزيز المرونة في ترتيبات العمل.
ويشير صندوق النقد الدولي أيضاً إلى ضرورة قيام آسيا بتعزيز نظم المعاشات التقاعدية لاستيعاب آثار الشيخوخة السريعة والتكاليف المالية المصاحبة لها.
هذه قضايا كبيرة، ولكن الاتجاهات الديموغرافية في آسيا، لن تزول. وشيخوخة آسيا كفيلة بنشر الشيب في نواصي صنّاع القرار.

كاتب عمود صحفي: موقع: صحيفة ساوث آسيا مورنينج بوست


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى