قضايا ودراسات

صانع الخير

عبدالله الهدية الشحي
كثيرون أولئك القادة الذين تعلموا واكتسبوا مهارات القيادة من غيرهم، فمرروا الأحداث وعانقوا الزمن كي يكتبهم التاريخ عبر صفحاته هنا وهناك، ونادرون هم القادة الأفذاذ الذين لم يكونوا إلّا ذواتهم فقد ولدوا قادة عظماء فصنعوا التاريخ ودخلوه من أوسع أبوابه، ليس فقط بدافع خلق الخلود وحده لأنفسهم، كما قال جون ديوي: «إن أعمق دافع للإنسان إلى العمل هو الرغبة في أن يكون شيئاً مذكوراً»، إنما لإيمانهم العميق بأنهم بناة مجد مسكونون بالتاريخ الذي يخلد أممهم وأوطانهم بالمنجزات والمعجزات التي تتفاوت بين زعيم وآخر كل حسب إيمانه بهدفه وسعيه الدائم إلى التغيير الإيجابي وحل المشكلات وتحدى الصعاب ومواجهة المعوقات بالإيجابية، ومع هذا التفاوت الممتد عبر التاريخ من حيث الأثر الخالد يبقى والدنا المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القائد الأبرز في كل الميادين القيادية المؤثرة في صنع الخير، داخل وخارج حدود وطنه.
اليوم تحتفل دولتنا بيوم زايد للعمل الإنساني، زايد الذي إذا ذُكر اسمه ذُكرت الحكمة الرزينة وذكر الخير الوفير والعطاء الدائم والعمل المتميز والبناء الحضاري وذُكرت الإنسانية بقيمها وترابطها وعطفها وتعاونها، وذُكر الخير الذي يتحدى الحدود والغوث الذي يعبر القارات والمساعدات التي تهطل مزنها على العالمين حتى غدت حديث الناس في حلهم وترحالهم وأصبحت نموذجاً تفتخر به الإنسانية على وجه البسيطة، فإن كنا نفخر على مر العصور بمقولة الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز الذي قال، بعد أن فاض الخير ووزعت الأموال على أبناء الخلافة وزوج من كان محتاجاً للزواج وبني بيت لكل من كان محتاجاً لبيت، وأعطي من كان محتاجاً لراحلة راحلة: «انثروا القمح على رؤوس الجبال حتى لا يُقال جاع طير في بلاد المسلمين»، فيحق لنا ويحق للبشرية أن تفخر وتحتفي معنا بيوم زايد للعمل الإنساني وواجب علينا معاً بذات الوقت أن نذكر ونعدد أعمال زايد الإنسانية، وأن نسرد سيرة عطاءاته الدائمة التي نثر فيها عمل الخير على العالم أجمع، وكأنه أب لكل البشر من دون تمييز بين نوع وعرق ودين ومذهب، فعم خيره بفضل الله الإنسان والطير والحيوان والشجر والمدر.
ونحن نحتفي بيوم زايد للعمل الإنساني علينا أن نذكر أيضاً أن زايد الخير القائد الفذ الحكيم والقائد الأب الإنساني بعمله الخيري، قد صنع للعالم خيراً دائماً متجسداً بقادتنا الذين تعلموا في مدرسة زايد المؤسس، ونهلوا من قيمه واستمروا على نهجه في العطاء والبذل، وحب عمل الخير ومد يد العون، قبل أن تصلهم استغاثة الملهوف، فأصبحوا هم أيضاً بمحض إرادتهم واختيارهم المسؤولين الأوائل عن العمل الخيري الذي أسسه ووضع منهجه وأقر ديمومته زايد الخير الذي يحبه العالم، كما يحب اليوم قيادتنا، فها هي قوافل الخير الإماراتية تجوب الأجواء وتقطع البراري، وتعبر الصحارى، لتصل إلى كل البقاع من أجل أن تعيد السعادة وترسم الفرح على وجوه الحيارى والثكالى والمحتاجين الذين تلهج ألسنتهم معنا بدعاء المولى سبحانه وتعالى، بأن يجعل قبر أبينا زايد روضة من رياض الجنة، وأن يرزقه الفردوس الأعلى. إنه نعم المجيب اللهم آمين.

aaa_alhadiya@hotmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى