قضايا ودراسات

صفقة أمريكية – هندية مثيرة للجدل

فينيت خاري *
عقدت شركة «لوكهيد مارتن» الأمريكية للصناعة الجوية – الفضائية والعسكرية ومجموعة «تاتا» الصناعية الهندية اتفاقاً بمليارات الدولارات لنقل تصنيع الطائرة المقاتلة الأمريكية «إف – 16» إلى الهند.

أعلن الطرفان عن الاتفاق في 20 يونيو/ حزيران، قبيل زيارة رئيس الوزراء الهندي، ناراندرا مودي، إلى واشنطن للقاء الرئيس دونالد ترامب.
ولكن بعض خبراء الدفاع اتهموا «لوكهيد» بأنها تخلصت من الطائرة التي أصبحت عتيقة الطراز ورمت بها إلى الهند.
وأعلن بيان مشترك للطرفين أن الهند ستتمتع ب «حق إنتاج وتشغيل وتصدير المقاتلة متعددة الوظائف إف – 16»، في حين قالت الشركة الأمريكية، في بيان منفصل، إن تصنيع المقاتلة «إف – 16» سيتم من الآن فصاعداً في الهند بصورة حصرية.
ويرى كثيرون في هذه الصفقة دعماً لسياسة مودي الهادفة إلى تعزيز قطاع «صنع في الهند»، ولو أن البدء في تصنيع «إف – 16» في الهند سيستغرق سنوات. ويقول خبراء إن الهند أصبحت الآن بحاجة إلى طائرات حربية حديثة للحلول محل أكثر من 200 طائرة حربية روسية الصنع من طراز «ميج» انتهت فترة صلاحيتها. وفي السنوات الأخيرة، تعرضت طائرات «ميج» لانتقادات في الهند بسبب مزاعم حول تكرار أعطالها وحوادث تحطمها. ولكن الروس ألقوا اللوم على سوء الصيانة في الهند.
وفي جميع الأحوال، أخذت الهند في السنوات الأخيرة تقلل اعتمادها على روسيا وتتجه لتنويع خياراتها. فاشترت مقاتلات «رافال» الفرنسية في 2016.
والمقاتلة الأمريكية «إف – 16» سيطرت على السوق طوال سنين. وفي الوقت الراهن، يوجد أكثر من 300 طائرة من هذا الطراز في ترسانات 26 دولة. وظهرت هذه المقاتلة في الأصل في أوائل السبعينات باعتبارها «طائرة قتال جو – جو خفيفة الوزن».
ولكن بعض المعلقين في الهند يتسائلون عمّا إذا كان إبرام الاتفاق مع مجموعة «تاتا» هو محاولة من جانب «لوكهيد» للتخلص من هذه التكنولوجيا التي تجاوزها الزمن، ورميها في الهند. وتساءل الخبير الدفاعي الهندي براهما شالاني، في تغريدة: «هل الهند مكب نفايات لأنظمة أسلحة عتيقة؟». وفي تغريدة أخرى، تساءل شالاني: «لوكهيد مارتن توقع صفقة إف – 16 مع تاتا. لماذا تاتا؟. هل لأنها تصنع السيارة الأكثر ضوضاء؟» (في إشارة إلى السيارة هندية الصنع ورخيصة الثمن التي تحمل اسم هذه الشركة).
وأيد المحلل الدفاعي الهندي راهول بيدي موقف شالاني، إذ قال: «إف – 16 تم تطويرها في السبعينات وقد بلغت أصلاً الحد الأقصى لإمكانية تحديثها. وسلاح الجو الأمريكي استغنى تدريجياً عن هذه المقاتلة لصالح الطائرة الأحدث والأكثر تطوراً بكثير إف – 35».
وردت شركة «لوكهيد» بالقول، في بيان، إن «الطائرة إف – 16 تبقى ركيزة للأسطول الجوي الأمريكي في الخطوط الأولى للقتال، وسلاح الجو الأمريكي يعتزم استخدام طائرات إف – 16 إلى جانب طائرات إف – 35 ومقاتلات أخرى لعقود في المستقبل. وقد أعلن سلاح الجو الأمريكي مؤخراً عن خطط لمواصلة تشغيل ما يصل إلى 841 طائرة إف – 16».
وعبر معلقون وخبراء هنود عن داعي قلق آخر، وهو أن إنتاج طائرات «إف – 16» في مصانع هندية سوف يستغرق سنوات.
وفي الواقع، تشتهر البيروقراطية الهندية بالتثاقل والتباطؤ، ما يثير قلقاً بشأن المدة التي سوف تستغرقها عمليات تصنيع واختبار المقاتلة «إف – 16» في الهند. وتساءل المحلل راهول بيدي: «أخشى أن يتطلب الأمر عقداً من الزمن قبل أن نرى أول طائرة (مصنعة في الهند). فمن سيشتري عندئذٍ الطائرة إف – 16 التي ستكون قد أصبحت عتيقة من الناحية التقنية؟».
وقد كانت روسيا لزمن طويل حليفاً وثيقاً للهند. وعلى مدى عقود، كانت الهند تشتري أسلحة روسية من أجل تلبية احتياجاتها الدفاعية. ولكن تحول الهند نحو الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة واجه انتقادات قاسية من البعض في الهند.
كما أن منتقدي صفقة ال «إف – 16» يقولون إن توثيق الروابط بين الهند والولايات المتحدة، يمكن أن يكلف الهند علاقتها الودية التقليدية مع روسيا، التي ربما تتقرب من باكستان، المنافس التاريخي للهند.
* مراسل محطة ال «بي بي سي» في الهند – موقع المحطة

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى