مقالات عامة

ضحايا ولكن!

محمد إبراهيم

استوقفتني إحصائية كشف محتواها عن حدوث 74 جريمة احتيال بيع المركبات، العام الماضي في دبي، ووصلت خسائرها نحو 12 مليون درهم تقريباً، ولكن بجهود الجهات المختصة تم ضبط 27 منها، وإن كان الرقم زهيداً، مقارنة بمجتمعات أخرى مثل بريطانيا التي تسجل ما يقرب من 5 ملايين قضية احتيال سنوياً، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه: من المسؤول الحقيقي في وجود تلك الجرائم؟.
وإجابة السؤال قد نراها في إحصائية تفيد أن 80% من جرائم الاحتيال، يعتمد فيها المحتال على طمع الآخرين، و20% منها على غباء وسذاجة البسطاء، وهنا ينبغي أن يعاقب الطامعون قبل المحتالين، حيث يشكلون أدواراً متنوعة ومهمة في وجود مثل هذه الجرائم التي تعكر صفو المجتمع وأفراده.
وغالباً ما تعود جرائم الاحتيال في مضمونها إلى شخص يتميز بالحضور الفكري والمراوغة، إذ يستغل غباء الآخرين في إنجاح جريمته، ومع وجود المتغيرات المتسارعة في حياتنا، تطورت أساليب الاحتيال لمواكبة المستجدات، فباتت مزعجة للمجتمع والجهات الشرطية والقضائية.
والسؤال الثاني: «من قال إن القانون لا يحمي المغفلين»؟، تلك العبارة الشائعة التي نسمعها دائماً بين مختلف المجتمعات خطأ، إذ إن أصحابها لا يعلمون أن القانون وضع مواد ونصوصاً لمعاقبة كل من تسوّل له نفسه بالاحتيال على الأبرياء والبسطاء في المجتمع.
ولكن إن كان القانون يحمي«المغفلين»، إلا أن الأشخاص الذين يقعون ضحايا الاحتيال نتيجة الطمع، يتحملون جانباً كبيراً من المسؤولية القانونية التي لم تفعل بعد، فالشخص يستطيع حماية أمواله، شريطة الابتعاد عن فكرة الثراء السريع، فالطامعون أسهل ضحايا للمحتالين.
والإشكالية الأخرى، تأخذنا إلى امتناع أكثر من 30 % من ضحايا الاحتيال على الإنترنت في الإمارات، عن تقديم بلاغ رسمي في تلك القضايا، لأسباب غير معلومة، مما يشكل تحدٍياً كبيراً على الجهات المختصة، لاسيما أن الاحتيال يصعب اكتشافه عند بدايته.
ليس من العدل، أن نترك الضحايا من الطامعين في تلك الجرائم بلا عقاب، لاسيما أنهم يمثلون ركيزة أساسية في هذا السيناريو، فلماذا لا يجرمهم القانون؛ لتقليص تلك الجرائم وتضييق الخناق على أصحابها؟.
وأفراد المجتمع أيضاً في حاجة إلى ثقافة وتوعية، وشفافية ومصارحة مع النفس، عند التعامل مع المحتال، فعلينا أن نؤهل أنفسنا ونبتعد عن فكرة الثراء الهاوية، ولا مانع من اللجوء لجهات الاختصاص، لنحمي أنفسنا ومجتمعنا من تلك الآفة، لاسيما أن «ذكاء المحتال» يكمن في«غباء ضحاياه».

Moh.ibrahim71@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى