قضايا ودراسات

ظاهرة أمنية مقلقة

ابن الديرة

اللجوء إلى استخدام العنف في عمليات السرقة بات ظاهرة تستوجب الوقوف أمامها بعناية، من قبل الجهات الأمنية المختصة، وكل الأطراف المعنية، وعلى رأسها طلبة البحوث العلمية في مرحلتي الدبلوم والدكتوراه.
وباعتبار اللجوء إلى السرقة بالإكراه قضية أمنية مجتمعية، بمعنى أنه لا يستطيع فرد واحد من المجتمع الكبير أن يتنصل منها، أو يدعي أن أمنه الشخصي أكثر قوة وردعاً وأوسع انتشاراً وتحصيناً، ولا يهمه الأمر من قريب أو بعيد، فالكل سواء في إمكانية تعرضه للفعل، بما يجعل منها بالفعل قضية عامة، لكل فرد فيها مصلحة ما، بنسب متفاوتة ومن زوايا مختلفة.
نعم، نحن ننعم بواحة من الأمن والأمان يحسدنا عليها العالم كله، صنعت بحكمة القيادة ووطنيتها وإنسانيتها على المستوى الوطني والعالمي، وبسيادة القانون وتطبيقه على الجميع، الوزير قبل الغفير، الكل في مجتمعنا سواسية، على كل من أفراد المجتمع التزاماته وواجباته وله حقوقه كاملة، وحب الشعب لوطنه وقيادته، والتزام من يعيش على هذه الأرض الطيبة بكل ما من شأنه أن يدعم عزة الوطن ومنعته ويحفظ سيادته.
لكن هذا الوضع المثالي لا يمنع من وجود منغصات مستوردة، أو تأتي إلينا في مواسم الزيارات مثل الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية والإجازات الصيفية، ولا يجوز أن يجعلنا نغمض أعيننا عن حقيقة وقوع حوادث سرقة بالإكراه، يستخدم فيها الجناة العنف للحصول على مآربهم، مهما كانت النتائج اللاحقة، والخطورة الأكبر تكون عندما تقف وراء مثل هذه الحوادث تشكيلات عصابية حتى لو كانت سيئة التنظيم وقليلة الحيلة والخبرة.
شاب عربي كان ينزل من سيارته في محطة الوقود ويحولها إلى ساحة معركة غير متكافئة، بطلها هو وعصا غليظة يحملها، يضرب بها كل من صادفه من عمال المحطة الذين يحصّلون ثمن المحروقات من أصحاب السيارات، ويأخذ منه كل ما يحمله من مال يعود إلى المحطة، وبعد أن ينتهي من ضرب عدة مستخدمين وتحصيل ما يحملون من أموال، يركب سيارته ويتجه إلى محطة بترول أخرى، يكرر فيها نفس المشهد السابق، فإلى ثالثة ورابعة حتى سقط في يد الشرطة التي تلقت بلاغاً بالحادث الأول وانطلقت تبحث عنه إلى أن ألقت القبض عليه.
وتشكيل عصابي من 9 أفراد كانوا يستقلون سيارتين، ترجلوا منهما أمام شخصين كانا في طريقهما إلى مطعم، وأخذوا منهما كل ما كانا يحملانه من مال بعد أن هددوهما بسكاكين وعصي وسيوف كانت بحوزتهم ولاذوا بالفرار، لكن العين الساهرة تمكنت من القبض عليهم.
أهم من الجريمة والمسروقات والعقوبة المنتظرة عند المحاكمة، أن ندرس الظاهرة جيداً، ونخضع اللصوص في مؤسساتنا العقابية والإصلاحية المقبوض عليهم حديثاً للدراسة والبحث العلمي، لنحاول أن نستكشف لماذا يسرقون.
ونأمل أن تجد القضية ما تستحق من اهتمام.

ebn-aldeera@alkhaleej.aeOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى