عندما لا تسمع مبادرات موظفيها
عندما أعلنت شركة «كوداك» الأمريكية عام 2012 إفلاسها، أصيب الكثيرون في العالم بالدهشة والذهول، لأنهم يشاهدون فروع هذه الشركة منتشرة في أرجاء مدينتهم، وكاميراتها المختلفة متواجدة على أرفف المحال الإلكترونية، ولكن الحقيقة الواضحة والساطعة لكل من يتابع التطورات المهولة في عالم تقنيات الاتصال وتطور شبكة الإنترنت، كان يدرك أن «كوداك» وقفت تماماً عن الإقدام على التطور اللازم الذي يمنحها الفرصة لمنافسة الشركات الصاعدة.
وعندما شعرت هذه الشركة العريقة بقوة المنافسة وفقدها لأسواق كثيرة، ابتعدت عن مجالها الذي عرفها به العالم وهو صناعة الكاميرات، وتوجهت نحو صناعة الطابعات، ولعل هذا من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها، فبدلاً من تطوير تقنياتها في المجال الذي خاضته منذ أكثر من 130 عاماً، وتبادر بتطوير صناعة الكاميرات والتحول للتصوير الرقمي، غيّرت جلدها تماماً، لتدخل مجال توجد فيه شركات عريقة ولها سبق وخبرة وهو مجال الطابعات.
في الحقيقة قصة شركة «كوداك» رائدة التصوير في العالم واندثارها تحدث عنها الكثيرون، ولست بصدد تكرار الحديث في هذه الجزئية، ولكن لدي نقطة جديرة بالتوقف عندها ملياً تتعلق بتجاهل هذه الشركة الرائدة الكبيرة لعدة مقترحات وأفكار قدمها أحد مهندسيها، تتعلق بابتكار كاميرات جديدة للتصوير من غير فيلم (التصوير الرقمي) واستمر تجاهلهم لأي عملية تطوير وتحديث في هذا المجال، لأنهم كانوا يحققون أرباحاً طائلة، ولكنهم في غمرة الربح غفلوا تماماً عن المستقبل وعن التطوير والتحديث، لذا خسروا في نهاية المطاف وخسارة مدوية يذكرها العالم برمته.
إن قصة «كوداك» درس في مجال الاستثمار والتجارة والصناعة، وهو درس بليغ وواضح جداً عن معنى تجاهل مبادرات موظفيك، وتجاهل استشراف المستقبل والتنبؤ به، «كوداك» وقصتها بمثابة ناقوس ومثال حي يمكن استحضاره دائماً لأي شركة لم تواكب التطور، ولم تمنح موظفيها الفرصة للإبداع والتميز.
شيماء المرزوقي
shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.comOriginal Article