غير مصنفة

عهد وإبراهيم أيقونتا مقاومة

علي قباجه

تأبى «إسرائيل» ومنذ سبعة عقود من احتلالها لفلسطين، إلا أن تُظهر وجهها القذر، ليس لأنها تريد ذلك؛ بل لأن طبعها غلب تطبعها؛ وادعاءاتها الجوفاء بأنها تملك «جيشاً أخلاقياً»!.
فوقائع الميدان، التي وثق بعضها، أثبتت – يقيناً – درجة الغل والعنصرية والإجرام اللامحدود، الذي يمتاز به الجيش «الذي لا يقهر» – طبعاً – أمام الأطفال والمقعدين، ومن لا يملكون حولاً ولا قوة..
إبراهيم أبو ثريا، ثائر بنصف جسد، فقد رجليه بالكامل، خلال العدوان على غزة عام 2008؛ لكنه جُبِلَ على حب الأرض والقدس؛ فحمل في ثنايا قلبه الدفاع عن بلده، وترجم ذلك برفعه العلم الفلسطيني في كل تظاهرة، ومضى نحو السياج الأمني مع قطاع غزة؛ متحدياً صلف جنود الحرب، رافعاً شارة النصر، مطالباً بحرية بلاده؛ لكن ذلك لم يرق لجيش مهزوز، ترعبه الكلمة والراية، فتفنن قناص غادر في اغتياله، وإصابته بطلقات في رأسه، علماً أن هذا المناضل لم يكن يشكل أدنى خطر عليه، إبراهيم حلم بالوصول إلى القدس، بنصف الجسد الذي يملكه، فأبت روحه ورسالته إلا أن تصلا كاملتين إليها.
أبو ثريا بهمة عانقت الثريا، أضحى حجة على القاعدين والعاجزين، أصحاب المبررات، التي تمنعهم من التضحية للقضية الأحق في هذه المعمورة، كما لا بد أن تكون روحه دافعاً للقيادة الفلسطينية، بأن تحذو بنهج فاعل وبعيد عن التماس طرق التسويات، التي لم ولن تجلب أوطاناً أو حقوقاً؛ كما أثبتت التجارب، فمن يَقتلُ مقعداً! فأي سلام يمكن أن يُرتجى منه؟!
الاحتلال يستخدم كل إبداعاته؛ للبطش بالكل الفلسطيني، ولم يكن آخرها، تسييره كتيبة مكونة من 20 سيارة عسكرية مدججة؛ لاعتقال طفلة تصدت لجنوده، ومنعتهم من الدخول لمنزلها.
الطفلة عهد التميمي، كانت- على الدوام- إعصاراً يرفض المحتل، وخير ممثل للقضية الفلسطينية، تلك القضية، التي حاول الاحتلال وأدها بتغريب عقول الصغار، بعد أن مات معظم الكبار، لينسوا وطنهم؛ لكن قُهرت خططه، وذهبت أدراج الرياح، بأطفال كعهد ذلك المثال المحتذى، التي كانت منذ نعومة أظفارها تقاتل وتدافع عن أرضها المسلوبة، كما أنها لم تترك شقيقها الطفل ذا الثلاث سنوات في قبضة جنود الحرب، قاومت وحررته، فكانت أيقونة التحدي..
احتلال يرهبه مُقعدٌ وطفلة، هو هش وواهن، ومهما طغى بجبروته فلن يتجاوز وصفه قشاً بلبوس وحش؛ لذلك ما من بد بمواجهته بعزيمة وإصرار، وخطة عربية موحدة تحرر المقدسات والشعب من دنسه، وتحميهم من تغولاته واغتيالاته الممارسة بشكل منهجي ضدهم. فما دام في فلسطين ثائرون أطفال و«مقعدون» لم تثنهم أعذارهم المقبولة عن التضحية؛ فإن القضية لن تموت، والتحرر سيكون من نصيب الثائر، مهما امتلك العدو من أسلحة ومناصرين ظلمة يمنحونه شرعية الاحتلال.

aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى