مقالات عامة

فاتورة التقدم البشري

شيماء المرزوقي

كما يقال بأن لكل شي ثمناً، فإنه وكما يظهر سيتم دفع ثمن كل هذا التطور في مجال شبكة المعلومات وتطور تقنيات الاتصالات، ويتمثل هذا الثمن في كل هذه المخاوف الأمنية، وهي مخاوف مبررة، أو لم تأتِ من فراغ، بل من واقع مظلم نما وظهر بسبب كل الخروقات من قراصنة المعلومات الذين يطورون برمجيات تدمر الأجهزة والأنظمة الإلكترونية، بل كأن هناك حرباً بين الشركات المصنعة لهذه الأنظمة والبرامج وبين قراصنة المعلومات، والذين لا يكلون ولا يملون من السعي لاختراق مواقع مالية ومؤسسات مصرفية وسرقة الأموال إلكترونياً وتحويلها لحسابات مخفية، هذا جانب وهناك الهجمات على الشركات والمصانع وسرقة أسرارها وخصوصيات عملها، وبيعها بالملايين من الدولارات، وهناك أيضاً الهجمات الخاصة أو الشخصية التي تستهدف الشخصيات العامة ورجال الأعمال، وتحاول اختراق خصوصياتهم والحصول على أكبر قدر من أسرارهم أو وثائقهم ثم المساومة عليها.
وما ظهر مؤخراً من فيروس سمي الفدية، يقوم بغلق جهازك، ويوجه لك رسالة مضمونها أنه لكي تتمكن من فتحه أو عودة عمله فإنه يترتب عليك دفع مبلغ من المال، ولعل الفاتورة التي يتكبدها الاقتصاد العالمي في مجال الأمن الإلكتروني وتصاعدها خير دليل على هذا الجانب، فقد نبَّه الكثير من العلماء والمشتغلين في مجال الأمن الإلكتروني إلى أن الجرائم الإلكترونية تكبد الاقتصاد العالمي أكثر من أربعة مليارات دولار، ومنطقة الشرق الأوسط تحديداً تدفع أكثر من مليار دولار.
هذا الذي يجعل كثيراً من العلماء والمشتغلين بهذه المجالات شديدي الحذر في مجال صناعة الروبوتات أو ما يعرف بالذكاء الصناعي، والمخاوف أن تتغلب على العقل البشري ومن ثم التغلب على الإنسان، لقد بات واضحاً أن كل تقدم وتطور تحصل عليه البشرية ويتحقق على أرض الواقع فإن هناك ثمناً ما يدفع بطريقة أو أخرى، فالتطور الصناعي والتقني قاد لتطور صناعة السلاح على مختلف أنواعه وما زالت هناك تطورات في هذا المجال وصولاً للقنابل النووية التي لو قدر وحدثت حرب باستخدام هذا السلاح فإن الإبادة البشرية ستكون تهديداً ماثلاً، إن كل تطور له فاتورته الثمينة التي تدفع بطريقة أو أخرى، والتطور في مجال نقل المعلومات والاتصالات ليس في معزل عن هذا، بل إن له ثمناً وفي أحيان يكون الثمن باهظاً.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى