قضايا ودراسات

فضيحة «أوراق بارادايز»

جون كويلي*

كشفت تسريبات «وثائق» بارادايز حول التهرب الضريبي، أن شخصيات تتراوح بين ملكة بريطانيا، ومسؤولين كبار في الحكومة الأمريكية، حذوا حذو كثيرين من الأثرياء والمشاهير في إخفاء ثرواتهم في جنات ضريبية.
في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، استيقظ بعض من أغنى أغنياء العالم، وآخرون من بين أكثر الشخصيات نفوذاً، ليكتشفوا أن بعضاً من أسرارهم المخفية – ومنها كيف يخفون ثرواتهم الهائلة عن سلطات الضرائب – بدأت تنشر في صحف عبر العالم، بعد تسرب وثائق مصرفية وقانونية إلى الصحافة ونشرها في إطار حملة إعلامية أطلق عليها اسم «أوراق بارادايز» (أوراق الجنة – نسبة إلى الجنات، أو الملاذات الضريبية). وشملت هذه الوثائق أسماء شخصيات بارزة في عوالم السياسة، والأعمال، والفن.
وكانت صحيفة «سوديتش زيتونج» الألمانية هي التي حصلت على الوثائق، ثم تقاسمتها مع أعداد كبيرة من صحفيين، وباحثين على علاقة بـ«الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين» (جمعية دولية مستقلة تضم مئات الصحفيين الاستقصائيين من 70 بلداً وتعمل لكشف الجرائم عبر الحدود، والفساد على المستويين الحكومي والشعبي)، ومع وسائل إعلام كبرى عبر العالم.
وعلقت الكاتبة والخبيرة المالية بروك هارينجتون على الوسائل التي يتبعها الأثرياء لإدارة ثرواتهم في السر بالقول: «هناك مجموعة من أناس لا يلتزمون بالقوانين مثل بقيتنا، عن سابق تصور وتصميم».
وحسب تقارير الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، فإن «الكشف عن هذا الكنز المكون من 13،4 مليون سجل ووثيقة، يفضح روابط بين روسيا ووزير التجارة الأمريكي الملياردير ويلبور روس، والتعاملات السرية لمدير صندوق التبرعات لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ومصالح وأموال لملكة بريطانيا في الخارج، وتعاملات أكثر من 120 سياسياً من كل أنحاء العالم». وقال الاتحاد في بيان إن هذه الوثائق «تكشف مدى تشابك نظام الاستثمار المالي في الخارج (offshore) مع عوالم سياسيين، وأثرياء، وشركات عملاقة من أمثال «آبل»، و«نايكي»، و«أوبر»، وشركات عالمية أخرى، وجميعهم يتهربون من دفع الضرائب من خلال التلاعب بسجلات العمليات الحسابية. ومما تكشفه الوثائق أن وزير التجارة الأمريكي الثري ويلبور روس يملك حصة في شركة ملاحة حصلت منذ 2014 على أكثر من 68 مليون دولار من عوائد شركة طاقة روسية يشارك في ملكيتها صهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وروابط الاستثمارات المالية في الخارج تشمل دزينة من مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية، ومن أثرياء عدة.
وأوضحت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن تسرب هذه الوثائق جاء من المؤسسة القانونية «آيبلباي» العاملة في (الملاذات الضريبية) في منطقة البحر الكاريبي. وعلى النقيض من المؤسسة القانونية «موساك فونسيكا» التي كانت في صلب فضيحة أوراق بنما «العام الماضي، فإن مؤسسة "آيبلباي" تتباهى بأنها عضو قيادي في الدائرة السحرية للمؤسسات القانونية الدولية العاملة في الخارج (offshore).
ومن أبرز الوقائع – الفضائح التي تضمنتها «وثائق بارادايز»:
– ملايين الجنيهات الاسترلينية من عوائد العقارات الخاصة للملكة إليزابيث استثمرت في صندوق استثماري في جزر كايمان.
– حصلت «تويتر» و«فيسبوك» على مئات ملايين الدولارات على شكل استثمارات مرتبطة بمؤسسات مالية حكومية روسية.
– السياسي ورجل الأعمال البريطاني الملياردير البارون مايكل آشكروفت أودع سراً في الخارج 450 مليون دولار.
– شركات عالمية متعددة الجنسيات تتهرب من دفع الضرائب، بينها «آبل» و«نايكي».
ويقول الاقتصادي جابرييل زاكمان الذي نشر كتابات حول العلاقة بين الملاذات الضريبية والتفاوت الاقتصادي بين الدول والناس عبر العالم: «الملاذات الضريبية هي أحد العوامل الرئيسية في تزايد التفاوت الاقتصادي عبر العالم. وهذا التفاوت مرتبط بتهرب النخبة من دفع الضرائب».

*كاتب في موقع «كومون دريمس»

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى