قضايا ودراسات

في اتجاه واحد

شيخه الجابري

تخيّل أنك تسير في اتجاه واحد، ما الذي سيحدث؟ حاول استعادة المشهد ثانية ثم امض بخيالك قليلاً نحو المساحة الأكثر اتساعاً في المسار الواحد، وتخيّل كيف يمكن لك أن تضرب بعرض اللحظة كل الاتجاهات الأخرى المحيطة بك، وهي أربع اتجاهات، كلّ واحد منها يمكن أن يوصلك إلى مقصدك بشكل أكثر سلاسة، وسهولة وعناية ورُقياً.
في الاتجاه الواحد ستجدُك متورطاً في استيعاب اللحظة، ومتخبطاً في كيفية تناولها، سترى أنك وحدك عكس الآخرين الذين يستخدمون المسارات تسير في عكس الطريق؛ لذا فأنت تواجه مصاعب كثيرة ليس أولها عجزك عن فهم المسار الصحيح، وليس آخرها تورّطك أكثر فيما ذهبت إليه من رغبة نحو ما تريد، وقد لا تعرف ما تريد، وهنا إشكالية شائكة أخرى.
السير في الاتجاه الواحد يُفقدُك الكثير من الفرص، ويضعك في إطار يحدك من كل الجوانب، ويجنح بك نحو الانغلاق على شيء قد لا تكون وضعته ضمن أجندة مسارك؛ لذا ستظل تتخبط في ذاك الإطار إلى أن تغيّر الاتجاه، فالمسار ليس وسيلة للوصول فقط؛ وإنما هو آلية منظِّمة لمهام وأفكار كثيرة قد تسقط منك وهي تحاصرك دون أن تتنبّه لها.
الذي يسير في اتجاه واحد سيتعرض لصدامات كثيرة، ومشكلات لن يستطيع تجاوزها؛ لأنه لا ينظر إلاّ من زاوية ضيقة، ولا يتّبع إلا ما يؤمن به مما يجوس في داخله من أفكار، قرارات، أمنيات، شخوص، رؤى مستقبلية، وهكذا المسار الواحد يغلق عليك كل الفرص؛ لأنه يروح بكَ ويجئ حسبما وكيفما يشاء، في عجز تام منك نحو مواجهته أو الإفلات منه إلى طوق نجاة يفتح لك بقية مساراتك التي تحتاجها.
تخيل في مسارك وأنت تمضي من تلتقي، إنها ذات الوجوه، ذات الشخوص، ذات الأفكار والمقترحات، والمناقشات، والحقائب، والسيارات، والتقاطعات، والمنحنيات، وقد وأنت في مسارك تتعرض لحادث ما، أو قد تقع في حفرة لم تكُن في الحسبان، وربما تصطدم بمطبّ اصطناعي، يُفقدك صوابك لحظة القفز منه إلى ذات المسار، حاول وأنت تتخذ مسارك ألاّ تؤطر نفسك بوسيلة واحدة، ابحث عمّا يمكن أن يصنع لك فرصاً جديدة. الاتجاه الواحد طريقُ مغلق فاحذر الاصطدام به.

QASAED21@GMAIL.COM

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى