في الكيان لا مكان للملونين
استوقفني بالأمس تقرير صحفي مثير عن خطة ممنهجة في «إسرائيل» لحقن النساء من أصل إثيوبي بحقن منع الحمل، ومعلوم أن عملية واسعة تمت قبل عقود، لنقل من عرفوا ب «يهود الفلاشا»، إلى «إسرائيل»، حيث نقلتهم طائرات «إسرائيلية» من إثيوبيا مباشرة، في إطار المخطط الصهيوني باستقطاب اليهود من مختلف بقاع الأرض.
ومعلوم أيضاً أن حديثاً يجري ومنذ تأسيس الكيان «الإسرائيلي» عن صور من التمييز تمارس ضد اليهود الشرقيين، رغم أنه جرى الاعتماد عليهم كمكون من مكونات تأسيس هذا الكيان، لكن هذا التقرير يظهر مدى العنصرية الصهيونية ليس فقط تجاه من هم غير يهود، وبالتحديد ضد الشعب العربي الفلسطيني، وإنما أيضا ضد فئات من اليهود أنفسهم، وهو ما يظهر في أشد أشكاله ابتذالاً، بالتمييز على أساس لون البشرة، كأن الكيان الصهيوني يريد أن يقدم نفسه كمجتمع أبيض، صافٍ في بياضه، فيما أوروبا البيضاء نفسها، باتت اليوم خليطاً من الأجناس والأعراق والألوان.
حسب التقرير فإن خطة حقن النساء من أصل إثيوبي بحقن منع الحمل، الهادفة لتعطيل قدراتهن على الإنجاب بصورة نهائية عرفت بقضية «ديبو بروبرا» نسبة لاسم وسيلة منع الحمل التي تعطى للنساء بواسطة حقنة طبية، ويعود الكشف عنها إلى عام 2008 في تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، فضح أن حث الأثيوبيات على استخدام هذه الحقنة يتم بشكل مفرط، ما نجم عنه انخفاض كبير في معدل الولادة عندهن بعد هجرتهن إلى «إسرائيل».
وحسب التقرير أيضاً، فعلى الرغم من أن «ديبو بروبرا» وسيلة منع للحمل مصادق عليها في القانون «الإسرائيلي» لكن لا يُنصح باستخدامها، ولا يقترحها الأطباء على غالبية النساء الراغبات في تنظيم الحمل، وحسب طبيبة، كانت عضوة في «الكنيست»، فإن هذه الحقنة تُستخدم في حالات استثنائية جداً، فهي تمنح عادة للنساء اللواتي يعانين إعاقات ذهنية، والموجودات بالمؤسسات النفسية المختلفة، خوفاً من أن تنتقل الجينات المَرضية إلى أبنائهن من بعدهن.
وهذا يظهر أن حمل النساء الأثيوبيات على تعاطي هذه الحقنة، وبإفراط، هدفه الحيلولة دون ولادة أطفال ملونين في المستقبل، يكسرون ما يحسبه الصهاينة العنصريون نقاءً أبيض لمجتمعهم القائم قسراً على أرض شعب آخر جرى اقتلاعه منها عنوة.
ومن أبرز الأدلة على الطابع الممنهج لهذه الخطة ما نقله التقرير من على ألسنة النسوة المستهدفات من أنه التوجيهات بأخذ هذه الحقن أتتهن من قبل الوكالة اليهودية ومن وزارة الاستيعاب قبل هجرتهن من إثيوبيا وخلال أيامهن الأولى في «إسرائيل»، وأفاد قسم من هؤلاء النسوة أن قدومهن كان مشروطاً بالموافقة على أخذ الحقنة.
د. حسن مدن
dr.h.madan@hotmail.com