قضايا ودراسات

كشف المستور

فيصل عابدون
الأخطار التي يتعرض لها المهاجرون لا تنتهي عند احتمالات ضياع المدخرات من دون الوصول إلى الشواطئ الأوروبية أو الموت في البحر جراء غرق المراكب المتهالكة، لكنها تمتد أيضاً إلى مصائر أسوأ مثل الاستعباد والاتجار في الأعضاء البشرية لصالح عصابات منظمة عديمة الضمير تعمل في هذا المجال وتجد في الأوضاع التي تعيشها ليبيا بيئة خصبة لتوسيع أعمالها.
وخلال الأسابيع الماضية كشفت مصادر متطابقة جانباً آخر من القضية يتمثل في تورط الميليشيات المتطرفة في عمليات التهريب بمختلف أنواعها، وفي مقدمتها تهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا، من أجل تمويل أنشطتها الإرهابية وشراء الأسلحة والذخائر ووسائل الاتصالات.
وأكد تحقيق استقصائي لصحيفة «الهيرالد تربيون» البريطانية الأسبوع الماضي وجود صلات وروابط قوية بين عمليات التهريب وتمويل الإرهاب. ونقلت الصحيفة عن ضباط استخبارات أوروبيين أن قادة عصابات المهربين في ليبيا يعملون بمنظومة الأسواق التجارية الكبرى، فهم يقسمون تجارتهم إلى تخصصات مثل مهربي الوقود، والمهاجرين، ومهربي الأسلحة والسيارات والمواد الغذائية.
ويقول رجال المخابرات الأوروبيون: إن مقاومة هذه الأنشطة تكتنفها صعوبات كبيرة، فعصابات التهريب تعرف التضاريس الجغرافية لليبيا جيداً وهي منخرطة في عمليات التهريب منذ سنوات طويلة وتحميها ميليشيات مسلحة تسليحاً عالياً.
وفي تصريحات سابقة قال رئيس المنظمة الدولية للهجرة وليام لاسي سوينج، إن مهربي البشر يكسبون نحو 35 مليار دولار سنوياً على مستوى العالم، ويحركون مأساة المهاجرين الذين يفقدون حياتهم أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط للوصول إلى أوروبا.
ويشرف عناصر الميليشيات على عمليات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، ويقومون باستقبال وإيواء الراغبين مقابل مبالغ مالية متفق عليها، ثم يقومون بشحنهم على قوارب عتيقة بالية إلى عرض البحر، و90% من قوارب الهجرة تغرق في عرض البحر، لأنها تكتظ بالأعداد، فمساحة القارب تستوعب 50 شخصاً، وتجد فيه حوالي 400 شخص.
والأمر يتخطى دوائر العصابات التقليدية إلى جوانب أخرى، حيث يقول عمدة صبراتة حسين الذوادي إن انعدام الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية التي حلت بليبيا منذ إسقاط نظام القذافي، سهلت انضمام بعض رجال الأعمال الانتهازيين لهذا النوع من التجارة. مضيفاً أن ترك الشباب الليبي أيضاً بلا عمل أو مستقبل يجعل انضمامهم إلى الميليشيات المسلحة أو دخول عالم التهريب خياراً سهلاً بالنسبة لهم.
وتنقل صحيفة «الهيرالد تربيون» عن مصادرها، أن قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر يولي اهتماماً كبيراً بالسيطرة على طرق التجارة وحقول النفط في محاولة لوضع حد لعمليات تهريب الأموال والأسلحة للمنظمات الإرهابية مثل «داعش» و«القاعدة».

shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى