كيف نستفيد من الذكاء الاصطناعي؟
في فيلاي*
كان مجال الذكاء الاصطناعي قبل عقد من الزمن حبيس الدراسات الأكاديمية، ولم يكن أحد يتصور التطور السريع الذي صاحب التكنولوجيا وأن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم. تراهن الكثير من شركات التكنولوجيا الكبرى من وادي السيليكون وحتى بكين بشكل كبير على هذه التكنولوجيا التي ستغير حياتنا تماماً، كما ضخت مليارات الدولارات في الأبحاث التي تدعم تطوير هذه التكنولوجيا، وقامت بناءً على تلك الاستثمارات الكثير من الشركات الناشئة التي تنمو تقريبا بمقدار شركة كل يوم، فإذا كان عصرنا الذي نعيش فيه الآن هو الثورة الصناعية القادمة كما يقول كثر، فإنني أستطيع أن أؤكد أن الذكاء الاصطناعي سيكون إحدى القوى الرئيسية المحركة لهذه الثورة القادمة.
أعتقد أن الفترة الحالية التي تشهد هذا النمو المتسارع في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، هي فترة مهمة جدا خصوصا لباحثين مثلي، فحينما أنهيت دراستي الجامعية في علوم الحاسب الآلي بداية الألفية الجديدة، كانت الحواسيب وقتها لا تمتلك حتى القدرات اللازمة لتحديد الزوايا الحادة في الصور، ناهيك عن التعرف إلى العديد من الدخلات التي لا يمكن للمعالجات التعامل معها، كما هو عليه الحال الآن، ولكن وبفضل النمو الكبير في البيانات وتطور الخوارزميات ووفرة أجهزة الحاسوب المتطورة، ظهرت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي خرجت من عباءتها الأكاديمية لتقود الثورة الصناعية الجديدة.
أستطيع القول إن حماسنا المفرط تجاه الذكاء الاصطناعي يمنعنا من التفكير في الآثار السلبية التي يمكن أن تنتجها على المجتمع، وبغض النظر عن الاسم، فإن «الاصطناعية» التي ارتبطت بالتقنية ليست هي محورها، حيث إنها من صنع البشر وتهدف إلى التعامل كما البشر والتأثير فيهم، لذلك وإذا ما أردنا أن تلعب هذه التقنية دوراً إيجابياً في حياتنا، فإن من الواجب أن نجعل التحكم فيها بأيدينا.
هناك أهداف محددة يمكن من خلالها التحكم في تطور الذكاء الاصطناعي لتحقيق أقصى فائدة ممكنة، منها وأهمها أن التقنية تحتاج إلى أن تعكس عمق ذكائنا كبشر، بالنظر إلى أن العقل البشري يمتلك إمكانات لا حدود لها. إضافة إلى ذلك يجب إيجاد طريقة فعالة لتوصيل الذكاء الاصطناعي بالعلوم المعرفية، وهي العلوم التي يستند إليها تطور ذكاء الأجهزة، ما سيضمن أن تكون الاتصالات بين البشر والأجهزة طبيعية بشكل أكبر، وهو الأمر الذي سيحقق الهدف الثاني المتمثل في أن يعزز الذكاء الاصطناعي من قدرتنا وليس احتلال مكاننا. أخيرا، يجب علينا ضمان أن يكون تطور هذه التكنولوجيا من خلالنا في كل خطوة من خطى التطور، وهو ما يجب أن يكون مدفوعاً بقلقنا من الآثار السلبية لتلك التكنولوجيا على مجتمعاتنا.
*نيويورك تايمز