لا بد من ردعهنّ
محمد سعيد القبيسي
استكمالاً للمقالة السابقة، كانت الخاطبة امرأة أمينة صادقة تتمتع بثقة الناس، معروفة بمكانتها، غير مشكوك في استشاراتها. كان هذا العرف بمثابة قانون اجتماعي تعارفت إليه الأسر في ظل عدم إمكانية عرض البنات، ولذلك كانت الخاطبة هي الدليل لأؤلئك العفيفات.
والسؤال الذي يطرح الآن: هل باعد التطور التكنولوجي الذي نشهده اليوم بين الناس والناس، وبين الجيران والجيران، أم أن المجتمع قد صاغ حواجز افتراضية أعدمت أي تواصل بين البشر؟
لابد أن نعرف أسباب هذه المشكلة والسعي نحو إيجاد الحلول التنظيمية للخاطبات الإلكترونيات اللواتي لن تقفن عند حدهن ما لم يتم إطلاع وتدخل الجهات المختصة ومن الأفضل فتح آفاق تربوية، اجتماعية وأخلاقية تنظم هذه العلاقة «العملية المجتمعاتية» وفق نظام لا يخرج عن الثوابت الدينية لأدبيات الزواج، ما سيتيح فرص الترابط عن طريق وسائل التعليم وانفتاح الأسس الاجتماعية والتآزر العائلي والاجتماعي.
إن وسائل التواصل الاجتماعي، ومهما كانت مصادرها، غير مأمونة وقد تكون عامل خداع أو مصيدة للإيقاع بنا في مستنقع الرذيلة والاستغلال لا سمح الله. ولعل أحسن مثال عن ذلك هو أنه وفي كثير من الأحيان، يقف خلف حساب الخاطبة رجلٌ من ضعاف النفوس باحثاً عن فرصة اقتناص صورة فتاة ومعلوماتها الشخصية ليهددها بها في سبيل تحقيق مآربه الفاسدة التي قد ترضخ لها بعض الفتيات خوفاً من افتضاح أمرهن، أو حتى عصابات تنتهج هذه الوسائل والمعاملات المجهولة والملغومة لمقاصد خارجة عن الأخلاق وجر بنات العائلات العفيفات نحو بؤر الفساد واستغلال آمالهن لابتزازهن واستخدامهن في مراتع الانحلال.
يتوجب على مجتمعنا اليوم توعية الجنسين حول آفات المخاطر الناتجة عن هذه القنوات الخاصة بالتواصل الاجتماعي بجميع أنواعها ومسمياتها المختلفة كما يتعين على سائر الجهات الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية العمل على إبراز هذه المشكلة وطرق علاجها.
من الأهمية بمكان أيضاً نشر الوعي عند أبنائنا وبناتنا المنكبين على صرعات هذا العصر والتواصل الإلكتروني أكثر من انكبابهم على الطعام والشراب حتى أضحوا منقطعين عن العالم ومنشغلين ببرامج لا تعد ولا تحصى من الصعب مراقبتها. إن بذل الجهد في التربية والتعليم والإعلام للتنويه عن مثل هذه الآفات الاجتماعية ضرورة لا مناص منها في ظل ما قد تُخلفه مثل هذه الزيجات، إن حصلت، وآثارها النفسية على الأفراد بسبب الجري وراء الأوهام التي تسوقها لنا بائعات الأحلام الوردية اللواتي أصبح ردعهن شرعاً وقانوناً واجباً علينا في سبل الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة من الانزلاق إلى هاوية الضياع.
abudhabi@email.com