قضايا ودراسات

لماذا لا يزوروننا؟

في استطلاع رأي للجمهور الألماني حول الرغبة في قضاء إجازة في بلد عربي، كانت هناك مفاجآت كثيرة، فقد تنوّعت آراء الألمان بين مرحب ورافض ومتخوّف في قضاء إجازة في بلد عربي، لكن أكثر الآراء حصرت في الحروب وعدم الاستقرار.
في الاستطلاع للقناة الألمانية باللغة العربية أبدى الكثير تخوفاً من قضاء إجازاتهم في البلدان العربية، بسبب الحروب التي تشهدها، وبالتالي عدم الاستقرار، مع أن قلة منهم أبدوا ترحيباً بزيارة البلدان العربية، والتعرف إلى حسن الضيافة فيها، وجاء ذكرهم على بلدين هما الإمارات وعمان، والأمر واضح هنا ويتعلّق بالأمن والاستقرار وعدم وجود ما يشكل منغصات للسائح الأجنبي.
أكثر الإجابات غرابة، ذلك الرجل الذي قال إنه لا يعرف كيف يمكنه التعامل مع المسلمين في حال قام بزيارة أي بلد عربي، وهذا أمر يعود إلى «الفوبيا» من الإسلام والمسلمين، والتي تكرسها قنوات إعلامية أجنبية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، والتي ترى في المسلمين أشخاصاً متطرفين، وتعززها في ذلك العمليات الإرهابية التي يتم تنفيذها في بعض البلدان الأوروبية، ومعظمها تتم عبر مسلمين متطرفين. صحيح أن الإسلام بريء من هؤلاء، لكن من يمكنه أن يقنع الأجنبي أن من يقوم بهذا العمل شخص متطرف ومريض ولا يمثل الإسلام والمسلمين؟
وهذه امرأة أخرى تدلي بدلوها بالقول إن العالم واسع وليست مضطرة للسفر إلى بلد يشهد تفجيرات، وبالطبع تجد لها العذر لأن الذي يصل إلى المتلقّي الغربي عن العالم العربي لا يعدو عن كون بلدانه غير مستقرة والأمان فيها غائب، واستهداف غير المسلمين كبير، وكان رأي أحد المسنين لافتاً عندما قال إنه قضى الكثير من إجازاته في تونس، لكنه لن يذهب هذا العام لأن الوضع فيها أصبح غير مستتب.
لكن ماذا تقول لامرأة في الاستطلاع عندما تؤكد أنها لا تستطيع الذهاب إلى بلد عربي لخشيتها من إصابتها بمكروه، لأنها ترى أن «الصورة الذهنية عن المرأة في العالم العربي سيئة»، والفقرة الثانية من رأي المرأة تبدو وجيهة قياساً بما تواجهه المرأة من نظرة مختلفة ومتخلفة عنها في البلدان العربية، والأمر سيان لدى كثيرين، سواء أكانت المرأة عربية أو غربية، فالصورة الذهنية عن المرأة في البلاد العربية سيئة بكل تأكيد ولا يستطيع الكثير إنكارها.
لماذا لا يرغب الأجنبي بزيارة بلداننا؟
سؤال منطقي يحتاج إلى تأمل وإعادة دراسة، فالوضع العام الذي تشهده بلداننا لا يشجع على زيارتها، صحيح أن هناك الكثير من الأجانب يزورون البلاد العربية، لكنهم يتجهون إلى تلك التي تشهد استقراراً أمنياً وازدهاراً اقتصادياً، وهذا العدد من الدول قليل جداً قياساً بما تملكه الدول العربية من مقومات سياحية، يمكنها أن تتحوّل إلى مصدر مهم من مصادر الدخل.
الأسوأ هو ذلك الانطباع الذي تشكل ويتشكل لدى الغرب أن البلاد العربية ليست سوى بيئة مثالية لتفريخ الإرهاب والتطرف، وأكثر ساحات العالم حروباً، وهذا ما يخدم أعداء العرب والمسلمين.

صادق ناشر
sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى