لماذا يتجاهل العالم عهد التميمي؟
أرييل جولد*
تايلور مورلاي**
تواصل سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» اعتقال وتوجيه مختلف التهم إلى الفتاة الفلسطينية عهد التميمي التي تحولت إلى رمز للمقاومة الشعبية وباتت تخيف «إسرائيل»
على مدى أسابيع، كانت عهد تنقل بين العديد من مراكز الشرطة والسجون «الإسرائيلية»، وتحتجز في زنزانات شديدة البرودة، ومجهزة بكاميرات مصوبة نحوها على مدار الساعة. وأخضعت سلطات الاحتلال عهد لاستجوابات متكررة من دون وجود محام، أو أحد من أهلها. وتذرعت محاكم الاحتلال التي مددت سجنها بأنها «تشكل خطراً على الجيش».
و«إسرائيل» محقة في اعتبار عهد التميمي خطراً. ولكنها ليست خطراً على أحد أفضل جيوش العالم تسليحاً، ولا على الدعوى الجنائية الموجهة ضدها. الخطر الذي تمثله هو رفضها الرضوخ لمطالبة «إسرائيل» بأن يذعن الفلسطينيون لإبقائهم تحت الاحتلال. وحسب المنطق «الإسرائيلي»، يجب على الفلسطينيين أن يتعاونوا مع احتلالهم واضطهادهم. ويجب أن يمروا بصمت عبر حواجز التفتيش، وإذا كان الفلسطينيون لا يرضون بهذا الوضع، فليرحلوا. ومنذ أن كانت عهد طفلة صغيرة، كانت هي وعائلتها يشاركون في مقاومة نشطة ضد الاحتلال «الإسرائيلي»، ويتعرضون للغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، ورشهم بمياه نتنة، وإطلاق رصاص حي عليهم.
وفي 2012، أعلنت منظمة العفو الدولية والد عهد سجين ضمير. وفي 2013، قتل عمها بأسطوانة غاز مسيل للدموع أطلقت على رأسه. وفي 2014، كادت والدتها تتعرض لعاهة دائمة إثر إصابتها برصاصة حية. وفي 2015، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو تظهر فيه عهد وهي تمنع جنود احتلال من اعتقال شقيقها الأصغر. واعتقل شقيقها الأكبر، وأبناء عمومة وأخوال لها في سجون «إسرائيلية». وفي 15 ديسمبر/كانون الأول الفائت.
وفي 28 ديسمبر/كانون الأول، نشرت الدكتورة شانيلا خوجة مولجي، البروفيسورة والباحثة في جامعة بنسلفانيا (في الولايات المتحدة)، مقالاً عرضت فيه التناقض الصارخ بين الدعم الدولي الذي حظيت به الناشطة الباكستانية ملالا يوسف زاي (التي منحت جائزة نوبل للسلام) عقب إطلاق النار عليها من قبل مسلحي طالبان، وصمت نشطاء السلام والحركات النسائية والزعماء السياسيين عبر العالم إزاء قضية عهد التميمي.
وبينما يتجاهل الغرب معاناة عهد، فإن «إسرائيل» تظهر حقداً عارماً تجاهها. ودعا السياسي والوزير «الإسرائيلي» المتطرف نفتالي بينيت إلى أن تمضي عهد وعائلتها «بقية حياتهم في السجن». بدوره، قال وزير الدفاع (الحرب) «الإسرائيلي» أفيجدور ليبرمان إن عهد وعائلتها «يجب أن ينالوا ما يستحقون». أما الصحفي «الإسرائيلي» البارز (في «إسرائيل») بن كاسبيت فقد قال: «يجب على «إسرائيل» أن تجعلهم (عهد وعائلتها) يدفعون الثمن عندما تتوفر فرصة، في الظلام، ومن دون شهود وكاميرات».
وشرحت الدكتورة شانيلا خوجة مولجي أسباب عدم وجود دعم دولي لعهد التميمي، قائلة إن هذا يعود إلى انتقائية المجتمع الغربي في المسائل الإنسانية والسياسية، وحتى قبوله عنف الدولة… خارج الغرب. ولاحظت في مقال أن المجتمع الغربي يبدو موافقاً على عنف الدولة «الإسرائيلية»، من حيث إن دعم عهد سيشكل بحد ذاته إدانة لـ«إسرائيل» ولنظام محاكمها العسكرية الذي يمارس احتجاز أطفال في زنزانات معزولة، ويرفض وجود محاميهم وأهلهم خلال استجوابهم.
من الواضح أن هناك فرقاً بين دعم ملالا يوسف زاي في تصديها لطالبان، ودعم عهد التميمي، لأن عهد تتصدى لـ«إسرائيل»، الحليف القوي للغرب، والتي يزعم أنها «الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط».
يبقى مع ذلك أن عهد التميمي هي تهديد لكل قوة «إسرائيل». وهي لا تعي فقط قوتها وعنفوانها، وإنما هي أيضاً غير خائفة.
*ناشطة في المنظمة الأهلية «كودبينك: نساء من أجل السلام» الأمريكية
**الناشطة وعضو اللجنة التوجيهية للمنظمة ذاتها – موقع «ألترنت»