لوغاريتمات تربوية
عبد الله محمد السبب
مما لا شك فيه أن وزارة التربية والتعليم، منذ انطلاقتها الأولى مع مسيرة الدولة الاتحادية، تسعى بكل جهد وإخلاص إلى ترقية القيمة التعليمية في المدارس النظامية، بما يؤدي إلى زيادة الحصيلة الدراسية لدى الأجيال من الطلاب والطالبات، تماشياً مع مستجدات العصر، ومع التطور التعليمي وفق المنظومة الأكاديمية العالمية.
واليوم، وفي ظل العهد التعليمي الإماراتي الجديد، نجد المواكبة الحثيثة من القائمين على الشأن التعليمي بكافة حلقاته الدراسية، للمعطيات المعرفية العربية والعالمية، بما من شأنه بلوغ الهدف المرتجى من مخرجات تعليمية تصب في صالح التنمية المجتمعية الإماراتية، ترجمةً لمقولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله: «يَجِبُ التَّزَوُّدِ بالْعُلومِ الْحَديثَةِ والْمعارِفِ الْواسِعَةِ، والْإقْبالِ عَليْها بِروحٍ عاليةٍ ورَغْبَةٍ صادِقَةٍ؛ حتّى تتمكّن دولة الإمارات خلال الألْفِيَّةِ الثالِثَةِ من تَحْقيقِ نَقْلَةٍ حَضارِيَّةٍ واسِعَةٍ».
هكذا نفهم الاستراتيجية التعليمية لدولة الإمارات في ظل المتغيرات الثقافية العلمية في المجتمع التعليمي العالمي، وهكذا نُطِلُّ على الميدان الاختباري الفصلي الأول الذي خاض ويخوض غماره أبناؤنا وبناتنا، طلاب وطالبات المدارس بمراحلهم التعليمية المختلفة، لنجد ما لا يخطر على بال بشر وما لا تُحمدُ عقباه.. فكأن الطلاب في حرب ضروس لا تدري متى ابتداؤها، وإلى ماذا ستكون نتائجها.. مع امتحانات لا تمتحن قدراتهم الذهنية، بقدر ما هي مُزَعْزِعَةٌ للثقة بها وتُدخلهم في محيطات من الخوف جراء مجابهة أسئلة عجز عن مجاراتها المعلمون، واحتار في فك أسرار لغتها المثقفون.. فكيف لطلاب لا حول لهم ولا حيلة، لاسيما طلاب المراحل التأسيسية الأولى «الرابع والخامس» الذين كانوا في معركة مصيرية مع امتحانات ضلت طريقها كأنما هي تسير باتجاه طلاب جامعيين؟!
إذن، وانطلاقاً من تلك الإطلالة السريعة على تلك الامتحانات، نعرّج على منهاج اللغة العربية للصف الرابع الذي ابتدأ رحلته عبر مقدمة تقدمت بالكلمات التاليات: «عزيزي الطالب: نضع بين يديك كتاب اللغة العربية الذي نأمل أن يكون بوابتك الكبرى إلى عالم اللغة الجميل، عالم الكلمات والمعاني والأفكار والمشاعر، فنحن، مذْ وعيْنا على الحياة، في صحبة لا تنقطع مع اللغة»..
وهكذا تسير المقدمة، بصرف النظر عن مدى دسامة لغتها وجملها وتراكيبها، كرسالة تحفيزية موجهة إلى الطلاب، هادفة إلى إغناء الطلاب بالعلم والمعرفة اللغوية، عبر ما تضمنه الكتاب من قصص وأناشيد لكتاب وشعراء إماراتيين وعرب، ومعلومات ونحو وكتابة وأنشطة متنوعة.. إلا أن السفينة الاختبارية سارت بالطلاب بما لا يتماشى مع ذخيرتهم اللغوية المكتسبة مما تعلموه من قصص وأناشيد ضمن المنهاج المقرر لهم، إذ كانوا في مجابهة مصيرية مع قصة من خارج الكتاب، تجاوزت الفئة العمرية التي ينتمون إليها، واستحوذت على صفحة اختبارية كاملة مع أسئلة تجاوزت في صياغتها قدراتهم الذهنية، لاسيما أنها بحاجة إلى وقت كاف لتفكيك وتحليل تلك الأسئلة.. فما الفائدة المرتجاة من قصص وأناشيد مقررة إذا لم تكن معياراً حياً وحيوياً لاختبار الحصيلة الذهنية والتعليمية المكتسبة للطلاب وفق الأساليب العلمية المتبعة في الاستراتيجية التعليمية لدولة الإمارات؟
اللغة العربية للصف الرابع مثال حي واحد من بين أمثلة عديدة معنية بالمواد المقررة الأخرى التي هي بحاجة إلى وقفة تأمل وغوص في خريطتها.
A_assabab@hotmail.com