مقالات عامة

ليبيا إلى أين؟

علي قباجه

ما زالت قصة البطل الليبي الثائر ضد المحتل الإيطالي تتناقلها الأجيال، عندما بكى لفراق زوجته، ولما سئل عن سبب بكائه، قال: (لأنها كانت ترفع لي باب الخيمة كلما أردت الولوج، فلما سألتها عن سبب قيامها بذلك، قالت حتى لا تحني رأسك ما دمت حياً) أورد هذه القصة، لتكون نبراساً تستنير به الأجيال الليبية، وتأخذ من سيرة جدها عمر المختار عبرة بأن تظل مرفوعة الرأس، عصية على كل مؤامرة تحاول أن تنال من وحدة الصف الليبي، وتمنع من أراد أن يشق عصا الوحدة أن يحقق مأربه، وهذا ما ينبغي أن يدركه الشعب بكل مكوناته، لا سيما ونحن نرى إخوة الدم والتراب الواحد من درنة إلى بنغازي ومن طرابلس إلى سبها تتجاذبهم الصراعات، وتعصف بهم رياح الاختلافات.
فاتفاق «الصخيرات»، الذي وقّع في المغرب عام 2015، ظل غريباً عن أهله، ورغم أنه كان يعوّل عليه الكثير لجمع الفرقاء، إلا أنه لم يجن منه الليبيون شيئاً، وما زال يراوح مكانه رغم إصرار دول الجوار على إنجاحه، وهو ما يهدد ما تبقى من تماسك في هذه الدولة التي نخرها التشظي.
هذا تحد تواجهه ليبيا إلى جانب معضلات عدة ربما ليس آخرها معضلة الانتخابات ووحدة الصف حولها، حيث إن الشعب الليبي على أحر من الجمر يترقب النصف الثاني من هذا العام 2018، لخوض الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني، التي يأمل شباب ليبيا وشيبها أن تكون حالة ديمقراطية ليبية بامتياز، تسهم في رأب الصدع، الذي استفحل في المجتمع الليبي الواحد.
إلا أن هذه الانتخابات، وأبدأ (بالبرلمانية)، بدأ لصوص الليل سرقتها، بتعكيرهم نقاء مائها، حينما أقدم مجهولون على اغتيال الناشط البارز على الساحة الليبية صلاح قليوان القطراني، الذي كان من المقرر أن يُرشح نفسه للانتخابات البرلمانية، فمن قام بهذه الجريمة لا شك أنه يهدف إلى شغل الرأي العام الليبي أن هذه الانتخابات لا طائل منها وبالتالي إدخال البلاد في حالة فوضى تتجاوز هذه المرحلة بمراحل.
ليبيا تقف على مفرق طرق ولابد للشعب الليبي بمكوناته أن يَجِدُوا الخطى نحو إصلاح وإعادة ترتيب البيت الداخلي، من خلال التوافق أولاً على مخرجات الحوار بكل تفاصيلها التي جرت برعاية المبعوث الأممي غسان سلامة، فإن قاموا بذلك سَهُلَ عليهم خوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية بثقة وجدارة وساعتئذ سيكونون قادرين على القضاء على بؤر إرهاب «داعش» الذي بدأ يُنشِبُ أظفاره هنا وهناك داخل الجسم الليبي، سعياً منه للسيطرة على الآبار النفطية، وإن لم يدرك الشعب الليبي حجم هذه المخاطر، وجعل قطار الخراب والدمار والاقتتال الداخلي يعبر من خلال المكون الليبي الواحد فعندئذ لن تقوم للدولة قائمة، ولن تنفع يا «ليت» في عمار البيت الخرب ، فإلى أين تسير ليبيا مطلع 2018؟ وهل ستجري خلاف تيار الانقسام، الذي يسود أقطاراً عربية عدة؟ هذا ما ستكشفه أيام ليبيا في النصف الثاني من العام الجاري.
Aliqabajah@gmail.comOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى