ليست مجرد ألعاب
راشد محمد النعيمي
من يدقق في محتوى ألعاب الفيديو التي أصبحت رفيقة الصغار والمراهقين والكبار أحياناً، يفاجأ بالمضمون والأفكار التي ترمي إليها تلك الألعاب، والتي باتت تمس المعتقد في كثير منها، وتتطرق لجوانب سياسية ودينية وأخلاقية تتزعزع في كثير من الأحيان عند اللاعب، الذي نظن جميعاً أنه يمارس مجرد لعبة يتسلى بها بدلاً من الخروج من البيت، وهو الأمر الذي جعل كثيراً من أولياء الأمور لا يعرف كيف يختار الألعاب لأبنائه، ولا يلتزم بالتصنيف المفروض للأعمار، بل يضرب به عرض الحائط تحت وطأة إلحاح الأطفال والمراهقين، أو يترك لهم الخيار أحياناً في شراء ما يريدونه ويحصر دوره في توفير المال فقط.
من المهم أن نعي أن هناك دراسات وأبحاثاً كثيرة أثبتت وجود علاقة بين السلوك العنيف للطفل ومشاهد العنف التي يراها على شاشة التلفاز، أو يمارسها في الألعاب الإلكترونية، كما أن العنف يتضاعف بلعب الألعاب ذات التقنية العالية التي تتسم بها ألعاب اليوم، كما أن نسبة كبيرة من الألعاب الإلكترونية تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين، وتدمير أملاكهم، والاعتداء عليهم بدون وجه حق، وتعلم الأطفال والمراهقين أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها، وتنمي في عقولهم قدرات ومهارات العنف والعدوان، التي تقودهم في النهاية إلى ارتكاب الجرائم.
اليوم تأكد لنا جلياً أن ممارسة الأطفال للألعاب الإلكترونية التي تعتمد على العنف يمكن أن تزيد من الأفكار والسلوكيات العدوانية لديهم، كما أن هذه الألعاب قد تكون أكثر ضرراً من أفلام العنف التلفزيونية أو السينمائية؛ لأنها تتصف بصفة التفاعلية بينها وبين الطفل، وتتطلب من الطفل أن يتقمص الشخصية العدوانية ليلعبها ويمارسها، وأعتقد أنكم تسمعون أصوات أطفالكم وهم يلعبون، وتلاحظون في كثير من الأحيان درجات التفاعل التي تصل إلى حد الصراخ خلال اللعب، وهي أمور تتطور إلى الأسوأ، خاصة في بعض نوعيات الألعاب التي تعتمد على القتل والحروب والقنص.
الملاحظة الأخرى والمهمة والتي كشفها لي طبيب عيون، كانت صالة الانتظار لديه تعج بالأطفال أن الألعاب الإلكترونية تؤثر سلباً في نظر الأطفال، إذ قد يصاب الطفل بضعف النظر نتيجة تعرضه لمجالات الأشعة الكهرومغناطيسية قصيرة التردد، المنبعثة من شاشات التلفاز، أو الحاسب الذي يجلس أمامه ساعات طويلة أثناء ممارسته اللعب، أو الأجهزة اللوحية والهواتف التي لا تكاد تفارقه، كما أن حركة العينين تكون سريعة جداً أثناء ممارسة الألعاب الإلكترونية، ما يزيد من فرص إجهادها وبالتالي نرى أن شريحة كبيرة بدأت بوضع النظارة الطبية وتعاني مشكلات بصرية متنوعة.
علينا اليوم جميعاً، أولياء أمور وتربويين وباحثين ومبرمجين، أن نستعد لهذه الظاهرة المتنامية بالعمل لإيجاد حلول لها، سواء بألعاب بديلة تغرس الإيجابية والقيم الحميدة، أوبمراقبة استخدام الطفل للألعاب كي لا تخرج الأمور عن نصابها الصحيح، وأن تكون الألعاب مجرد ألعاب فقط لا تتعدى دورها ولا تؤثر في مجالات أخرى، ولا تهدم ما تبنيه الأسرة والمدرسة والمجتمع.
Email: ALNAYMI@yahoo.com