قضايا ودراسات

مأزق السطو على الإفتاء

عبد اللطيف الزبيدي
لا يقولنّ أحد إن الإفتاء ليس في مأزق. المنطلق هو أن صورة الإسلام شوّهت. صار الدين الإسلامي مرادفاً للإرهاب. كثر السطو على مقام الإفتاء لنشر الرعب والقتل والخراب. ليس للناس مركز إفتائيّ في العالم الإسلاميّ متفقٌ على مرجعيّته. كثر «علماء الدين»، الذين ليسوا سوى مركبات للسلطة تسير بوقود غير نظيف، ترفع أشخاصاً إلى ذرى العلياء، وفي اليوم التالي تأمر بقتلهم وتدمير بلدانهم. هؤلاء يدّعون أنهم يعرفون الحلال والحرام، في حين أن حسابهم دنيوياً وأخروياً مثقل بجنايات دمار بلدان عربية عدة.
القرضاوي تخصيصاً. من حق المسلمين السؤال: كيف انحدر بعض أهل الإفتاء إلى حضيض تشويه الإسلام؟ من هم الذين نصّبوا القرضاوي على قمّة علماء الدين في العالم الإسلامي؟ هم أيضاً في محل شبهة، لأنه لا تستوي في العقل فضيلة الإفتاء والدعوة إلى تخريب البلدان وتشويه الإسلام في عيون العالم. من هم الذين جعلوه يتبوّأ ذلك المقام الرفيع، وأغفلوا سقطاته المقنّعة بعلوم الدين، وهم يباركون تحوّل فتاواه إلى مجازر وبلدوزرات في العالم العربي؟ ألا يقول أهل الشرق والغرب: هذا الرجل هو كبير المتكلمين باسم الدين الإسلامي، فالإسلام هو هذا، وإلا فكيف قبلوا به وجعلوه أعلى صوت في الخطابة؟
القضية أبعد من ذلك وقعاً وإيلاماً، لأنه لا مفر من السؤال: العالم الإسلامي يضم سبعاً وخمسين دولة، فهل يعني سكوت الجميع في مراكز الإفتاء التي قبلت «زعامة» القرضاوي، اقتناعاً بأن بلاغة حجّة «الصرّة» لا ترد؟ كيف أصبح الساكت عن الحق ملاكاً فصيحاً؟ أليس هذا برهاناً ساطعاً قاطعاً على أن الإفتاء في العالم الإسلامي فقد صدقيته ومكانته وثقة المسلمين به؟ لا شك في أن الإفتاء بقيت له مساحة جيدة، كحكم فرشاة الأسنان في الصيام وما إليها من عظائم الأمور. أما الإفتاء في مصاير البلدان والشعوب بالدمار والقتل، فالذين وضعوا القرضاوي على القمة، تركوا له التكلم باسم الله. ما حال الإسلام حين يفتي الأرهابي أبو بكر البغدادي ويصبو إلى الخلافة؟
من حق المسلمين السؤال: لماذا تنازل الأزهريون عن مكانة الأزهر، أزهر محمد عبده ومحمود شلتوت؟ كان محمد عبده في مجلة العروة الوثقى(مطلع القرن العشرين) يذهل الغرب بحديثه عن ضرورة ربط الفقه بنهضة تنموية علمية، حتى أطلق صيحته: «إفلاس الفقهاء».
لزوم ما يلزم: النتيجة التنموية: الحل بسيط، نريد فقهاء غير مفلسين، عمرانيين لا تدميريين.

abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى