مقالات ثقافية

ماذا لو مكث في زنجبار؟

أنهينا مقال الأمس عن فوز الأديب التنزاني الأصل عبد الرزّاق جونه بجائزة نوبل للآداب بسؤال حول إلى أي درجة يعتبر فوزه فوزاً لإفريقيا بالجائزة، كونه مولوداً في بلد إفريقي، هو الذي يقيم في بريطانيا ويكتب أدبه بلغتها الإنجليزية، لا بلغته الأم، أي السواحلية.

أين الغلبة هنا في «هويّة» جرنه، أهي في منبته الإفريقي، أخذاً بعين الاعتبار جذوره العربية أيضاً، كونه، كما يقال، يتحدر من أجداد من حضرموت هاجروا إلى زنجبار التي كانت لفترة تحت الحكم العماني – العربي، والتي هي جزء من تنزانيا اليوم، أم إلى مستقره البريطاني وإلى اللغة الإنجليزية التي بها يكتب؟ ولنصغ سؤالنا بشكل أبسط: هل كان عبد الرزّاق جرنه سينال «نوبل» للآداب لو أنه مكث في زنجبار ولم يهاجر إلى بريطانيا، ولو أنه كتب ما كتب باللغة السواحلية لا بالإنجليزية؟ هذا سؤال ليس أكثر، وليس بوسعنا الجزم بأية إجابة، مع ترحيبنا بالطبع بأن تخرج الجائزة من هواها «الأبيض» الغالب، وأن تذهب لكاتب هو في النهاية إفريقي الأصل والهوى، وأن لا تبرز غائية سياسية طاغية في اختياره، كتلك التي تمنح لكاتب من الصين مثلاً، فقط لأنه معارض لنظام الحكم في بلاده دون أن يعني ذلك أنه الأجدر من بين أقرانه الصينيين، فلجنة الجائزة سببت منحها لجرنه ب «سرده المتعاطف الذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات»، هو الذي سبق له أن دعا أوروبا إلى «اعتبار اللاجئين الوافدين إليها من إفريقيا بمثابة ثروة»، مشدداً على أن هؤلاء «لا يأتون فارغي الأيدي».

وتقول سيرته الأدبية إنه اعتنى في رواياته ب«تجارب المهاجرين في المجتمع البريطاني المعاصر»، وتروي إحدى رواياته «أدماييرينج سايلنس» قصّة شاب يغادر زنجبار ويهاجر إلى بريطانيا حيث يتزوّج ويزاول التدريس، وتؤثّر فيه سفرة إلى بلده بعد عشرين عاماً من مغادرته إلى حدّ كبير وتلقي بظلالها على زواجه.

بالإضافة إلى مجموعة من الروايات، فإن له أيضاً عدداً من الإصدارات الأكاديمية التي انشغل فيها على دراسات ما بعد الكولونيالية، وهو التخصص الذي يُدّرسه في جامعة كِنْت، وفي ردٍ على سؤال وجه إليه في مقابلة ترجمها إلى العربية أحمد شافعي عما إذا كان يعتبر نفسه كاتب أدب ما بعد كولونيالي، أجاب جره: «لست متأكداً إن كان بوسعي أن أطلق على نفسي أي شيء عدا اسمي».
وفي المقابلة نفسها قال: «أريد فقط أن أكتب بأقصى درجة أستطيعها من الصدق، ثمة أشياء تشغلني وأريد أن أستكشفها وأكتب عنها».

نقلا عن الخليج

زر الذهاب إلى الأعلى