قضايا ودراسات

متاعب جديدة لتونس

صادق ناشر

لم يكن ينقص رئيس وزراء تونس يوسف الشاهد مزيداً من المتاعب، إذ جاء إعلان الأمين العام للحزب الجمهوري في تونس عصام الشابي، انسحاب حزبه رسمياً من حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت قبل أكثر من عامين، بعد مخاض عسير ليشكل ضربة قوية للاستقرار المطلوب لتونس في المرحلة الحالية.
لا شك أن حكومة الشاهد، ومنذ تشكيلها، تواجه تحديات سياسية واقتصادية وأمنية صعبة، ما زاد من الغضب الشعبي ضدها، حيث أدى فشلها في إنقاذ الوضع الاقتصادي الذي راهن عليه المواطن التونسي بعد الأحداث العاصفة التي مرت بها البلاد خلال السنوات الست الماضية، إلى ردود أفعال غاضبة من الشارع وحتى من النخب السياسية التي دعمت الحكمة أملاً في إعادة الأمور إلى سكتها الصحيحة.
موقف الحزب الجمهوري الجديد دليل إضافي على أن الحكومة الحالية لم تعد تحظى بدعم شعبي، كما كان عليه الحال خلال مرحلة ما بعد تشكيلها، فالحزب الجمهوري يعيد انسحابه من الحكومة إلى أسباب عدة، أبرزها موقفها المؤيد لقانون المصالحة الإدارية، وممارسة حزب نداء تونس الذي يقود الحكومة الائتلافية، ضغوطاً على منتمين للحزب، من بينهم المتحدث باسم الحكومة إياد الدهماني، حيث يتهم عصام الشابي ما أسماها «لوبيات نداء تونس والمتحالفين معه من حركة النهضة» بعدم الكفاءة وعدم القدرة على تحمل المسؤولية.
انسحاب الحزب الجمهوري من حكومة الشاهد يضعها أمام تحديات جديدة، ويعقّد المشهد السياسي والاقتصادي والأمني في البلاد بشكل أكبر، حيث تواجه البلاد وضعاً صعباً بسبب حالة الاحتقان الاجتماعي وفشل الحكومات المتعاقبة في إيجاد حلول للوضع الاقتصادي المتردي، حسب مراقبين، الذين يرون أن حكومة الشاهد أصبحت في وضع حرج، وفق المحلل السياسي عبد الله العبيدي، الذي يشير إلى أنها محاصرة بالأزمات من كل الجهات، فيما بدأ الحديث يتصاعد حول جدواها وإمكانية استمرارها في ظل الأوضاع الراهنة، وفي ضوء موجة الرفض التي يثيرها مشروع قانون المالية والموازنة العامة للعام المقبل.
وتعيد الأزمة الحالية في تونس الأجواء إلى مرحلة التعهدات التي قطعها رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد عند تكليفه برئاسة الحكومة من قبل الرئيس الباجي قائد السبسي، باتخاذ إجراءات صارمة ضد الفساد وتجفيف منابعه، إلا أنه من الواضح أن الحكومة لم تقدم شيئاً للتونسيين، بعد خروجهم من مخاض المرحلة الانتقالية التي مرت بها البلاد إثر احتجاجات عام 2011، التي عرفت ب«ثورة الياسمين»، وأطاحت الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
وعلى الرغم من أن تونس خرجت من عاصفة ما يسمى «الربيع العربي» بأقل الأضرار، قياساً بما يحدث في بلدان أخرى لا تزال تعيش أزمات كبيرة، من حيث الكلفة البشرية والمادية على السواء، إلا أن الأوضاع فيها لا تزال تراوح مكانها، والأحلام التي بنيت على كفاءة الحكومة الحالية بدأت بالترنح، وأصبح خيار إسقاطها من خلال تقديم استقالتها أو إقالتها من قبل الرئيس السبسي، قائماً، حيث لا يستبعد مراقبون أن تشهد الحكومة انسحابات لقوى سياسية أخرى، ما قد يعجل في وضع نهاية وشيكة لأحلام التونسيين في حكومة تعيد ترتيب البيت الداخلي بإصلاحات جذرية وحقيقية.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى