مقالات عامة

مثقفون ضدّ الإرهاب

يوسف أبو لوز

خَلَتْ قائمة المؤتمر السنوي الرابع لمواجهة التطرف الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية من الشعراء، فيما ضمت قائمة المشاركين 400 شخصية فاعلة في حقول الإعلام والبحث والنشاط الأكاديمي، وينعقد المؤتمر غداً في الإسكندرية تحت عنوان «دور الفن والأدب في مواجهة التطرف»، وبالطبع، تتفرع عن هذا العنوان محاور أخرى تتصل بتجديد الخطاب الديني، كما جاء على لسان مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية الذي أشار إلى نشر ثقافة التسامح، والمواطنة وقبول الآخر.
المؤتمر على درجة كبيرة من الأهمية، بخاصة في هذا الوقت بالذات، الذي تتكاثر فيه عناكب العنف والإرهاب، وتجدد فيه خلايا فكر التخلف والظلام، ولا ننسى السمة التعددية للمؤتمر، الذي استضاف نخباً لها اعتباريتها الثقافية من دول عربية عدة.
المشاركون أسماء كبيرة في تخصصاتها الأكاديمية والإعلامية، والنقدية، ولكن عنوان المؤتمر يشير في مفرداته الأولى إلى الفن والأدب، بما يعني ضرورة مشاركة تشكيليين ومسرحيين وشعراء وروائيين، وفي مثل هذه المؤتمرات المتخصصة التي يُراوح محتواها بين ما هو سياسي وفكري، يجري عادة اختزال مشاركة الأدباء والفنانين إلى مستوى تمثيل رمزي، إن لم يُسْتغن تماماً عن هذه المشاركات الفنية والأدبية.
على أي حال، المؤتمر مهم، ومن المهم أيضاً مشاركة خبراء في قضايا الشرق الأوسط من دول أوروبية ومن الصين، وكان من الجميل حقاً أن يلتئم في المؤتمر أو على هامشه فنانون ورسامون وشعراء وروائيون، من أمريكا وأوروبا وآسيا إلى جانب فنانين وأدباء عرب.
400 مثقف في تظاهرة ضد التطرف والإرهاب، حدث كبير من ناحية التنوع الفكري والمهني والإيديولوجي للمشاركين، وهو حدث كبير أيضاً من ناحية ما يرشح عنه من أوراق عمل ونقاشات وتوصيات، نأمل أن تجد طريقها إلى المؤسسات والكيانات الثقافية والرسمية العربية، وتؤخذ فوراً على محمل التنفيذ، وأن يكون التنسيق هو القاسم المشترك بين النخب المشاركة، وبين آليات تنفيذ التوصيات ونقل مضامينها وأفكارها إلى اتحادات الكتاب العرب نحو دور أوسع وأكثر فاعلية لمؤتمر الإسكندرية.
الإرهاب لا ينام، وأصبح شئنا أم أبينا ظاهرة كارثية عابرة للقارات، لكن مع ذلك، يمكن تطويق هذه الظاهرة وتجفيف منابعها وروافدها ومصباتها، وذلك بالثقافة والأدب والفن، وأكثر ما يستفز المتطرف المتوحش هو أن يرى صورته القبيحة في مرايا الجمال النظيفة والمصقولة بالفنون، بدءاً باللوحة، مروراً بالعرض المسرحي، وليس انتهاء بالقصيدة.
عقل المفكر يكتمل بقلب الشاعر، مثلما يكتمل الجسد بالروح.. نحو كيان إنساني واحد اسمه: الجمال.

yabolouz@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى