مرايا الإمارات ٤
يوسف أبولوز
حافظت الإمارات على الثقافة الشعبية والتراث الشعبي، كما حافظت على المعماريات التراثية، وأعطت المجال واسعاً للرواة الشعبيين وشعراء النبط والقصيدة المحكية باللهجة المحلية كي يوثقوا مخزون ذاكرتهم الأصيل بالسرد والروي والشعر مع تكريمهم والاحتفاء بهم بقيام مؤسسات متخصصة في هذا القطاع الثقافي الشعبي الذي يعني الأصالة والمحلية والمرجعية الأدبية الأولى التي تتمثل، بشكل خاص في الشعر الشعبي والنبطي.
هذا الاهتمام الرسمي والشعبي بالروح الثقافية المحلية يلتقي تماماً مع روح الاتحاد، ويلتقي أيضاً مع طبيعة الشخصية الإماراتية الشغوفة أصلاً وبالفطرة بالشعر الشعبي الذي يقوله ويكتبه الشباب والشابات أيضاً في الإمارات امتداداً للأصالة الإبداعية القديمة عند أجدادهم وآبائهم.. جذور وأصول الثقافة المحلية.
.. إذاً، كما تفاعلت الإمارات إيجابياً وعالمياً مع مفردات الحداثة في التنمية والاقتصاد والمعمار والإدارة.. تمسكت بقوة أيضاً، وفي الوقت نفسه مع ثقافتها الشعبية وتراثها الشعبي، وكانت هذه المعادلة الإنتاجية بالدرجة الأولى واحدة من العناوين ذات الأهمية الكبيرة في عمل دولة الاتحاد منذ مطلع السبعينات وحتى اليوم، بل، ويتصاعد الاهتمام بالروح الثقافية الشعبية والتراث الشعبي الإماراتي من عام إلى آخر، ودائماً بمعطيات جديدة معاصرة بحيث انفتحت الثقافة الإماراتية الشعبية على ثقافات الشعوب، والتقت بها بمحبة وتشاركية حضارية يمكن معاينتها بسهولة في إطار الفعاليات والملتقيات التي تقام في الإمارات، وتشارك فيها دول محبة للمكان وروحه الشعبية.
ركزت الإمارات أيضاً على عمل الفرد، وعمل المؤسسة، الفرد بوصفه طاقة إبداعية، ولذلك، نقرأ دائماً عن الابتكار، والأفكار الإبداعية والإيجابية، نقرأ في اللغة اليومية الإماراتية عن مفهوم المشاركة والنجاح، والفرص العملية للعقل الذكي حتى على مستوى الشباب العربي الذي أصبح حلمه أن يحقق ذاته وأفكاره في الإمارات.
هذا كله نتاج دولة اتحاد، ودولة مشاركة، ودولة العقلية الشابة حين يستثمرها تحقق المعجزة، ولا تعترف بكلمة مستحيل.
رفعت الإمارات في تدرج قيادي وحكومي معاصر وذكي بوصلة طموحها إلى المريخ من دون مبالغات دعائية إنشائية، بل المنشآت والإدارات والأفكار تتحدث عن نفسها في دولة شابة حققت في أقل من نصف قرن ما لم تحققه بعض الدول المتراخية الأنانية في قرون.
أسعدت الإمارات أهلها بالرخاء والصحة والسكن والتعليم والامتيازات وفي الوقت نفسه لم تبخل على العالم: في كل حالة إنسانية بيئية، اجتماعية، كانت ومازالت ثقافة العمل الخيري حاضرة عملياً.. مادياً ومالياً ومعنوياً في العالم، وبعطاء بلا حدود، وبلا مقابل، وبلا اشتراطات أو استغلال.
٤٦ عاماً من التأسيس والبناء والحضور في العالم: دبلوماسية هادئة وخطاب سياسي متوازن لا يعرف التطرف ولا الإساءة، مناصرة مبدئية ثابتة للقضايا العربية العادلة، شهداء إماراتيون شباب قال ذووهم إنهم اسم البطولة الشجاعة واسم وطنهم من دون يأس ولا خوف نبل اجتماعي وثقافي ونفسي يتمثل في روح الإماراتي وهو يستقبل شعوب العالم في شعبه العائلي الحميم، ثم وطن حنون على أهله.. وسكانه ومحبيه وأصدقائه عنوانه العالمي: العدل والأمان والمحبة.