مقالات عامة

مستوطن برتبة سفير

علي قباجه

كان الأولى بالإدارة الأمريكية تعيين سفيرها في «إسرائيل» ديفيد فريدمان، ناطقاً باسم حكومة نتنياهو المتطرفة، فما يصدر عنه من مواقف تضاهي ما يقوله عتاة المتطرفين في هذه الدويلة القائمة على العنصرية المقيتة، فهو بالأساس مستوطن وله تاريخ أسود في دعمه للاستيطان، وتقارير كثيرة أشارت إلى أنه هو من أقنع الرئيس الأمريكي ترامب بنقل سفارة واشنطن إلى القدس.
وكان آخر شطحات هذا السفير هي دفاعه المستميت عن الاستيطان في الضفة، وحرصه عليها أكثر من «الإسرائيليين» أنفسهم، حيث يعتبر أن إخلاء المستوطنين من الضفة الغربية سيتسبب بحرب أهلية في «إسرائيل»، ويقول إنهم لن يذهبوا لأي مكان. وعندما سئل عن إمكانية حدوث رفض جماهيري لأمر إخلاء المستوطنات قال: «هذا الموضوع يقلق «إسرائيل»، قيادة الجيش تنتقل أكثر وأكثر إلى الصهيونية الدينية، هؤلاء الأشخاص يلتزمون بهذه الأرض التي منحها لهم الله، أعتقد أن إخلاء فعلياً سيؤدي إلى حرب أهلية، هذا رأيي، كما سخَّف من إمكانية حدوث أي اتفاق سلام من الممكن أن يحصل الفلسطينيون فيه على بعض حقوقهم.
تعيين هذا المتطرف سفيراً لدى الاحتلال، جاء كمتطلب لمرحلة اعتزمت فيها الإدارة الأمريكية تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما عبر عنه ترامب مراراً مؤكداً أن الظروف سانحة لاستبعاد القدس من أي مفاوضات، ودعم «إسرائيل» «المظلومة»، في حين أن سفيرة البيت الأبيض نيكي هيلي خرجت من دائرة الدبلوماسية لتهدد علناً باستخدام كعبها العالي لضرب كل منتقد للاحتلال. الولايات المتحدة وضعت نفسها في مواجهة العالم الرافض لقراراتها الداعمة للتغول الاحتلالي والمنتهكة لكل حق فلسطيني، لذا فالأولى عليه هو انتهاج خطوات عملية للرد من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، واتباع الأقوال أفعالاً، وذلك أضعف الإيمان.
واشنطن الآن في صف «إسرائيل» تماماً، والمراهنة عليها ضرب من الجنون، وهنا تحديداً يتعين على الفلسطينيين عدم التعويل عليها تماماً، وإيجاد بدائل حقيقية يمكن أن تعيد الحق إلى أصحابه، وذلك بإعادة بناء البيت الداخلي، وتوحد القوى خلف برنامج وطني شامل مقاوم، والاعتماد على الظهير العربي، لتحقيق نتائج ملموسة.
المؤامرات التي تحاك على فلسطين ليست بالبسيطة. ولا بد لمواجهة ذلك من تكاتف على المستوى العربي يتبعه ضغط على الإدارة الأمريكية لدفعها للتراجع، فأوراق القوة لدى العرب كثيرة ويمكن أن تصنع فارقاً.

aliqabajah@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى