«مش لازم تعمل كبير عشان تدير»!!!
محمد القبيسي
هناك فئة من الأشخاص لا يتمتعون بما نسميه اصطلاحاً بالكاريزما؛ التي تُعرف بأنها قوة الجاذبية الشخصية التي يتمتَّع بها بعض الأفراد بشكل فطري منذ الولادة، وتتيح لهم القدرة على التأثير في الآخرين ولفت انتباههم ونيل إعجابهم. وأما سبب افتقارهم للمغناطيسية الشخصية فيرجع إلى طبيعتهم الفطرية التي تحول بينهم وبين القدرة على نيل احترام الغير أو جذبهم وإثارة فضولهم للتعرُّف إليهم والاستماع لهم، لذلك فإن الافتقار إلى الكاريزما ليس عيباً ولا مدعاة للسخرية، فهذا طبيعي والبشر تختلف خصائصهم البشرية من شخص الى آخر.
لكن المؤسف في الأمر، أو ما يدعو للقلق، هو عند تقلُّد أحد هؤلاء منصباً رفيعاً أو وظيفة مرموقة، فيقوم بتقمُّص حركات وسلوكيات الشخصيات البارزة في الأوساط المجتمعية، متَّخذاً الغرور والاستعلاء أداتين لإظهار نفسه وإبراز مدى ذكائه وتفوقه على جميع من حوله، وإثبات حضوره كشخص مهم ذي شأن كبير ورأي لا يُعلى عليه.
المشكلة التي يتسبَّب بها أمثال هؤلاء ممَّن يحولون إحساسهم بعدم الثقة بالنفس إلى غطرسة وعنجهية، هي أنهم يرتكبون عشرات الأخطاء لقصر نظرهم وعدم التفاتهم إلى الآراء والاقتراحات التي تصلهم، لأنهم في تفكيرهم لا يقبلون من تكون لديه الأفكار والاقتراحات التي من الممكن أن تطور العمل أو تساعد الى الوصول لأهدافه بل إن كل ما يرونه هو أن كل شيء منهم هم، والمشكلة الأخرى هي أن كل من حوله يحاول أن يزين له ما هو فيه ( وانت الكبير والجميع لازم يسمعلك) وتزداد الطينة بلة مع الأيام ويصبح الاهتمام بالكبير وراحة الكبير «واللي يريده الكبير»، ويضيع العمل وتذوب الأهداف الرئيسية ويصبح الجميع مكانك سر، الا أن يأتي أمر الله وسنته في التغيير «ويروح الكبير».
هنا يدرك هؤلاء الأشخاص بعد أن يغادروا مناصبهم أن حالهم تماماً كحال شخص قذف به من مركب الى عرض البحر، فتتلاطمهم أمواج الحياة وعدم المبالاة من كل من كانوا حولهم ويسعون لرضاهم، هم لم يكونوا يسعون لرضاهم بقدر ماكانوا يحترمون مناصبهم، فهنا قد يصابون بالكآبة ومختلف أشكال الأمراض النفسية نتيجة إحساسهم بعدم الأهمية، وأن لا أحد يقيم لهم وزناً بعد خروجهم من المنصب، لأنهم لم يدركوا أن المناصب تجيء وتذهب في غمضة عين، ويبقى في نهاية المطاف عمل الإنسان الصالح وإحسانه للآخرين وطيب تعامله معهم، علاوة على تواضعه وتشجيع من حوله بكلمات محفِّزة عوضاً عن تحطيم معنوياتهم.
ذلك أن المرء الذي يسلم مقاليده لمشاعر وسلوكيات سلبية يُحرم بحكم السنن الكونية من نيل الحظوة بين الناس.