مفاوضات جديدة في اليمن
صادق ناشر
وجدت الأزمة القائمة في اليمن نفسها في يد مبعوث أممي جديد، الذي تم تعيينه من قبل الأمين العام للأمم المتحدة خلفاً للمبعوث السابق الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي قضى أكثر من عامين في منصبه حيث أوصله الحوثيون إلى رفع الراية البيضاء والتخلي عن المهمة المكلف بها، المتمثلة في تطبيق قرارات مجلس الأمن الخاصة باليمن، وقد اعترفوا بذلك صراحة عندما كانوا يرفضون مقابلته أو التعاطي مع المبادرات التي كان يطرحها لحل الأزمة.
المبعوث الأممي الجديد البريطاني مارتن غريفيث يبدأ هذا الأسبوع جولة جديدة لتحريك المفاوضات التي توقفت منذ عدة أشهر، بعدما فشل ولد الشيخ في إقناع الحوثيين بالعودة إلى طاولة الحوار، على أمل أن يكون هناك موقف مختلف للحوثيين هذه المرة، الذين وجدوا أنفسهم مجدداً أمام نيران مجلس الأمن الدولي، الذي وجه إليهم في بيان رئاسي صدر عن المجلس نهاية الأسبوع الماضي تهماً عديدة، من بينها عدم التعاطي الجاد مع المبادرات الأممية لحل الأزمة في اليمن وتهديد أمن الجيران، وتعريض الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب للخطر وتجنيد الأطفال وغيرها من القضايا، التي وصل فيها أعضاء المجلس إلى قناعة بأن الجماعة أغلقت الأبواب أمام أي حلول تنهي الأزمة القائمة في البلاد منذ استيلائها على العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول من العام 2014 حتى اليوم.
جولة غريفيث ستشمل كلاً من اليمن والسعودية والإمارات وعمان وبعض الدول التي لها صلة بملف الأزمة والحرب، وسيتوجها بزيارة إلى سويسرا حيث يشارك في مؤتمر الدول المانحة لليمن في الثالث من إبريل المقبل.
المعضلة التي سيواجهها المبعوث الأممي الجديد هي في العقلية التي تتعاطى مع الأزمة في اليمن، خاصة من جانب الحوثيين، الذين لا يرغبون في تقديم أي تنازلات، وما زالوا يعرقلون أي مسعى للوصول إلى حلول توفيقية كما كان عليه الحال في المشاورات التي أجريت في الكويت، وقد كانت شهادة ولد الشيخ الأخيرة أمام مجلس الأمن الشهر الماضي تكفي للتأكيد على ما هو مؤكد من أن جماعة الحوثي ليس لديها أدنى استعداد للتعاطي مع المبادرات الأممية لحل الأزمة، إذ أكد أن الحوثيين كانوا وراء الإخفاق في التوصل إلى حل سياسي شامل ينقل اليمنيين إلى مربع الحل السلمي بعد أن كانوا قريبين من هذا الحل في المشاورات التي عقدت في الكويت عام 2016.
سيكون أمام المبعوث الأممي مهمة معقدة، فهو يخلف مبعوثين سابقين لم يتمكنا من إحداث اختراق جدي في الأزمة، كما أن الساحة السياسية في اليمن تغيرت في ظل غياب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي كان يوفر لهم غطاء سياسياً في المشاركة بالمفاوضات مع الأمم المتحدة، أما اليوم فإنهم يتحاورون من دون سند سياسي ولا غطاء شعبي.
مهمة جريفيث ستكون تحدياً حقيقياً للأمم المتحدة، وسيكون لزاماً عليه أن يكشف المعرقلين للحل السلمي سريعاً عوضاً عن الانتظار لعامين أو ثلاثة ليعلن إخفاقاً شبيهاً بإخفاقي ابن عمر وولد الشيخ.
sadeqnasher8@gmail.com