قضايا ودراسات

مكافحة الاتّجار بالبشر

باهر كمال

في اليوم العالمي لمكافحة الاتّجار بالبشر، يتذكر العالم، أنه لايزال «يوجد اليوم ملايين من الناس الذين سُرِقَت منهم حريتهم، وكرامتهم، وحقوقهم الإنسانية الأساسية، ويُرغَمون على العمل القسري، والاستعباد المنزلي، والإكراه على التسول، والسرقة.
إنه يحدث الآن، حيث يُجبَر ملايين من البشر على الهرب من النزاعات المسلحة، وتغيّر المناخ، و اللامساواة الاقتصادية، والفقر المدقع.. فيقعون فريسة سهلة للمتّجِرين بالبشر الذين يتربصون بكل مَن يمكن إخضاعه للاستغلال الجنسي والعمل القسري، وحتى بيع جلده وأعضائه.
والمأساة عميقة، ففي كل عام يقع الملايين من الأطفال والنساء والرجال في أيدي المتّجِرين، بعد أن تغويهم الوعود الزائفة والخداع، كما تفيد تقارير الأمم المتحدة، هذه المرة قبل اليوم العالمي لمكافحة الاتّجار بالأشخاص، الذي صادف 30 يوليو/تموز الماضي.
والجريمة النكراء، تُرتكب الآن، وأنت تقرأ هذه السطور، وفي «أسواق الرقيق» العلنية. أنظرْ إلى المهاجرين الأفارقة الذين يباعون ويُشتَرون على رؤوس الأشهاد في «أسواق الرقيق» في ليبيا.
وشراء وبيع المهاجرين تجارة ضخمة رائجة. وقد أصبح الاتّجار بالبشر في واقع الأمر، مشروعاً عالمياً يُدرّ مليارات الدولارات، ويؤثر عملياً على كل بلد في العالم، وفقاً للمدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة الخاص بالمخدرات والجريمة، يوري فيدوروف.
يقول فيدوروف: «يوجد اليوم ملايين من الناس الذين سُرقت منهم حريتهم، وكرامتهم، وحقوقهم الإنسانية الأساسية. وهم يُرغمون على الاستغلال الجنسي، والعمل القسري، والاستعباد المنزلي، والإكراه على التسول، والسرقة، والنشاط الإباحي على الإنترنت، ويُجبَرون حتى على «بيع» جلدهم وأعضائهم.
ولم تخفَّ وتيرة هذا العمل غير الإنساني، فمنذ عام 2012- 2014، تم اكتشاف أكثر من 500 تدفق من الاتّجار بالبشر، واكتُشف في دول غرب وجنوب أوروبا، ضحايا من 137 جنسية مختلفة. وباختصار، فإن «جريمة الاتّجار بالبشر، تحدث في كل مكان تقريباً».
ومن حيث الأنواع المختلفة من الاتّجار بالبشر، يُعتبر الاستغلال الجنسي والعمل القسري أبرزها، كما يفيد التقرير، ويضيف أن الاتّجار، يمكن مع ذلك، أن يأخذ أشكالاً عديدة أخرى منها: إجبار الضحايا على العمل في التسول، وإرغامهم على الزواج الصوري، وممارسة الاحتيال، وإنتاج المواد الإباحية، وإزالة الأعضاء وغير ذلك.
وقد جَرّمت دول عديدة معظم أشكال الاتّجار بالبشر، كما نصّ عليها بروتوكول الأمم المتحدة للاتّجار بالبشر. وازداد عدد الدول التي تفعل ذلك من 33 عام 2003، إلى 158 عام 2016. وهذه الزيادة الكبيرة موضع ترحيب، وقد ساعدت في مدّ يد العون للضحايا، وتقديم المتّجِرين إلى المحاكمة، كما يقول فيدوروف.
«ولكن معدل الإدانات للأسف، لا يزال منخفضاً. وتبين استنتاجات مكتب الأمم المتحدة المتعلق بالمخدرات والجريمة، أن هنالك علاقة وثيقة بين طول المدة التي مضت على إدراج قانون الاتّجار بالبشر ضمن القوانين، وبين معدل الإدانات».
وتعرّف الأمم المتحدة الاتّجار بالبشر بأنه جريمة تستغل النساء، والأطفال، والرجال لأغراض عديدة بما في ذلك العمل القسري والجنس.
وتقدّر منظمة العمل الدولية أن هنالك 21 مليون شخص ضحايا للعمل القسري على نطاق عالمي، ويشكل الأطفال ما يقرب من ثلث ضحايا الاتّجار بالبشر في جميع أنحاء العالم.
وفي هذا العام، اختار مكتب الأمم المتحدة، «العمل على حماية ومساعدة الأشخاص المتّجَر بهم» كمحور لليوم العالمي.
ويسلط هذا الموضوع الضوء على واحدة من أكثر القضايا إلحاحاً في عصرنا – وهي قضية حركات الهجرة المختلطة الضخمة للاجئين والمهاجرين.
ويلفت هذا الموضوع الأنظار إلى الأثر المهم للصراع والكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى الاتّجار بالبشر، والمخاطر العديدة التي يواجهها كثير من الناس نتيجة لذلك.
كما يعالج القضية الأساسية المتعلقة بردود الفعل على الاتّجار، وهي أن معظم الأشخاص لا يتم التعرف إليهم باعتبار أنهم ضحايا للاتّجار بالبشر، ولذلك لا يمكن لهم الوصول إلى معظم المساعدة أو الحماية المقدمة.
وفي الوقت ذاته، تُذكر الأمم المتحدة بأن وكالتها الرائدة، التي تتعامل مع المهاجرين، تعمل على مكافحة الاتّجار بالأشخاص منذ منتصف تسعينات القرن الماضي… وأنها ساعدت على الصعيد العالمي، أكثر من 90 ألف شخص تم الاتّجار بهم.
ومن أجل هذا الغرض، تعمل وكالة الأمم المتحدة مع الحكومات، والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وهيئات الأمم المتحدة الأخرى «من أجل حماية ضحايا الاتّجار وما يرتبط به من أشكال الاستغلال وسوء المعاملة، ومنع هذه الإساءات من الحدوث، ودعم تطوير وتطبيق السياسات الرامية إلى منع ومحاكمة هذه الجرائم وحماية الضحايا».

صحفي أسباني مصريّ الأصل، ومستشار لدى وكالة انتر برس سيرفيس. موقع: اوُلْ أفريكا


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى