قضايا ودراسات

ملاحظات على الأداء القطري

ابن الديرة
الحقيقة الأولى أن الخلاف مع قطر له أسبابه الموضوعية، ومن هنا أهمية أن يكون التعامل الإعلامي مع القضية موضوعياً ورصيناً. ذلك شرط أولئك، وحيث إننا على حق، فعلى إعلامنا أن يكون في مستوى ذلك الحق، بعيداً عن أية مبالغة أو تسطيح.
اليوم، نستعرض بعض الملاحظات على الأداء القطري، لجهة أزمة الخليج، لا في مساراتها الحاضرة، لكن منذ سيرورتها التي بلغت إحدى ذرواتها في العام 2014، وقبل ذلك منذ جذور الخلاف في التسعينات.
مراجعة السياسات القطرية في السياسة والإعلام هي الحل، ويبدأ الحل بالعودة خصوصاً إلى نتائج اجتماع الرياض، واجتماع الرياض التكميلي (2014 ) وهما ما أديا إلى إجماع الأشقاء على عقد قمة «التعاون» في الدوحة، نهاية العام نفسه.
سبب الأزمة الأخيرة رجوع الدوحة عن تعهداتها، ما يشير إلى أولى الملاحظات: الأشقاء في قطر يتبعون سياسة التعامل بأسلوب المسكنات، حيث التعهد بوعود نحو تجاوز مأزق معين، ثم ينسى الوعد مع تجاوز المأزق، وذلك ما حصل بالفعل، إزاء اتفاقات اجتماع الرياض التكميلي خصوصاً، حيث نوقش موضوع الواجهات الإعلامية القطرية المسيئة إلى الأشقاء، وعلى رأسها قناة الجزيرة، وهو ما أدى لاحقاً إلى إغلاق قناة «الجزيرة مباشر» مؤقتاً، كما نوقش موقف الدوحة من تنظيم الإخوان المسلمين، واستضافة الدوحة لعدد كبير من أعضائه، أو احتضانهم في منافيهم، خصوصاً تركيا، وبريطانيا، ونوقشت أيضاً ضرورة التزام الدوحة الحد الأدنى من السياسة الخارجية لدول «التعاون»، ومبتدأ ذلك الموقف مما ترتب على الوضع المصري من واقع جديد، وفيما اعترف الوطن العربي كله، من أقصاه إلى أقصاه، بالوضع الجديد، ظلت قطر على موقفها في وصف ما ترتب على الثورة المصرية الثانية، وما تلاه من انتخاب القيادة المصرية الجديدة بـ«الانقلاب».
من الملاحظات، إلى جانب، إهمال التعهدات، تناقض الدوحة الواضح في الخطاب والفعل، وفيما تصف مستجدات مصر بـ«الانقلاب»، تنسى مثلاً، طريقة انتقال الحكم القسري بين الأمير الجد والأمير الوالد، كما تنظر إلى انقلاب حكومة حماس المقالة باعتباره برداً وسلاماً.
من الملاحظات أيضاً أن قطر ترسم سيناريوهات الأزمات لوحدها في مخيلتها، من دون مراعاة الواقع والمستجدات، وتتوقع دائماً «اجترار» الحكاية إذا صح التعبير، فهل يعقل لجوء تميم، هذه المرة أيضاً، إلى دولة الكويت الشقيقة، طلباً للوساطة؟
تتورط سياسة قطر الخارجية في ذلك وأكثر منه، وبالتالي، تتورط واجهاتها وأبواقها الإعلامية، فضلاً عما تتسم به الأخيرة من انتقائية وانتهازية، حين تذهب «الجزيرة» مثلاً إلى استثناء قطر من كل نقد يوجه إلى غيرها، فكل تقارير سيئة الذكر «هيومان رايتس ووتش» عن الدوحة تحجب، أما ما يدور في التقارير نفسها، عن الإمارات، أو السعودية، أو البحرين، أو مصر، فينشر مراراً، ويعلق عليه تكراراً، والكل يتذكر، مثلاً أيضاً، كيف تجاهلت «الجزيرة» الحكم على شاعر قطري بالسجن 15 عاماً، وكيف لونت تغطية محاكمة عصابة المخابرات القطرية، مجموعة «بو عسكور»، التي كان لها نشاط خبيث على أرض الإمارات.
من الملاحظات عدم سيطرة الدوحة مطلقاً على واجهاتها الإعلامية، ونزوع تلك الواجهات إلى الإسفاف والانحطاط، ولجوؤها إلى الكذب والتلفيق، فإذا تحلينا بالموضوعية قلنا إن كل ذلك طبيعي، حين يكون الدفاع عن منطق الإخوان المسلمين الأعوج أهم من الدفاع عن أمن واستقرار المنطقة والوطن العربي، فأبواق قطر الإعلامية تتبنى فكر الإخوان حتى في الحسابات الشخصية على «التواصل الاجتماعي».

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى