من وماذا تغير؟
صادق ناشر
في وقت كان العالم يتوقع اندلاع حرب نووية في أية لحظة، على وقع الخلاف الكبير الناشب بين الولايات المتحدة الأمريكية وكوريا الشمالية، حملت الأيام القليلة الماضية مفاجأة من العيار الثقيل، تمثلت في الإعلان عن قمة مرتقبة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون في شهر مايو المقبل.
ما الذي حدث، وماذا تغير في مواقف كوريا الشمالية التي أبدت مرونة غير عادية لجهة التخاطب مع خصميها اللدودين، كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، خاصة أن الموقف الكوري الشمالي الجديد وجد ترحيباً أمريكياً، حيث أكد البيت الأبيض أن لقاء قمة سيعقد بين الرئيسين في مكان وزمان سيتم تحديدهما لاحقاً، وهو أول لقاء من نوعه بين الرجلين منذ وصول ترامب إلى السلطة قبل أكثر من عام.
مسؤول كوري جنوبي أكد أنه عند حضور وفد قدم من سيؤول للقاء زعيم كوريا الشمالية، أبلغه كيم جونج أون التزامه بنزع السلاح النووي، وهو ما أكده البيت الأبيض، الذي أشار إلى أن المحادثات التي ستجرى بين البلدين سيكون مهمتها التوصل إلى اتفاق لإزالة الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية، بل أكثر من ذلك أكد المسؤول الكوري الجنوبي أن الزعيم الكوري الشمالي، وعد في سابقة غير معهودة ب«عدم إيقاظ الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي من النوم بعد الآن على إنذارات متعلقة بإطلاق صواريخ»، حيث غالباً ما تجري بيونج يانج تجاربها الصاروخية في ساعات مبكرة صباحاً، وهي إشارة تصالحية على ما يبدو مع سيؤول.
نقل الوفد القادم من سيؤول عن كيم جونج أون موافقته على عقد قمة مع نظيره الجنوبي، وأعرب في الوقت نفسه عن رغبته في لقاء ترامب، كما عرض مناقشة نزع السلاح النووي، ووعد بعدم إجراء تجارب نووية خلال فترة المفاوضات.
المواقف الجديدة لكوريا الشمالية حظيت بترحيب لافت من الجانب الأمريكي، فقد أشاد ترامب في تغريدة له ب «التقدم الكبير» الذي أحرز في ملف كوريا الشمالية، وكتب على موقعه في «تويتر»: «كيم جونج أون ناقش نزع الأسلحة النووية مع ممثلي كوريا الجنوبية، وليس فقط مجرد تجميد للأنشطة النووية»، وأنه تبعاً لذلك «لن تكون هناك اختبارات صاروخية من جانب كوريا الشمالية خلال فترة المفاوضات المحتملة».
من الواضح أن تغييراً نشأ في مواقف الطرفين، سواء الأمريكي أو الكوري، فالبلدان أدركا أن السير على خط التصعيد الساخن للأزمة القائمة بينهما على خلفية التجارب النووية لكوريا الشمالية، من شأنه أن يقود العالم بأسره إلى مواجهة شاملة، وخطأ واحد تحت ضغط الكبرياء يمكن أن يدمر البلدين ومعهما بلدان أخرى، لذلك مال الطرفان إلى التهدئة حتى يجدا الحل الأمثل لخلافاتهما الداخلية.
ويبدو أن العزلة التي تعيشها كوريا الشمالية، رغم تقدمها على صعيد التسليح النووي، قد دفعتها إلى مراجعة علاقاتها مع العالم، حتى تنقذ نظامها المعرض للانهيار في أي لحظة، فيما تتنفس الولايات المتحدة الصعداء بعد أن أوشكت على خوض مواجهة مع أكبر خصومها النوويين.
sadeqnasher8@gmail.com