قضايا ودراسات

نحو هزيمة «داعش» في الرقة

باتريك كوكبيرن *

«معركة الرقة لن تأخذ وقتاً طويلاً، كما هي معركة الموصل». هذا ما قاله عوض، المقاتل السوري في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أمريكياً، وهو مقاتل في وحدة عسكرية تشارك في الهجوم على الرقة، المعقل الرئيسي ل «داعش» في سوريا. وفي مقابلة حصرية مع «ذي إندبندنت» البريطانية، قال عوض: «نحن نتقدم بسرعة، والطبيعة الجغرافية للرقة مختلفة عن الموصل».
وقوات سوريا الديمقراطية بدأت المعركة الفاصلة حول الرقة، المدينة الواقعة على الضفة الشمالية للفرات، والتي تضم حوالي 300 ألف نسمة، بعد تأخير دام طويلاً فرضته تهديدات تركيا بالتدخل عسكرياً. وتعتبر تركيا قوات سوريا الديمقراطية «منظمة إرهابية» يسيطر عليها الأكراد السوريون. وأولوية تركيا منع إقامة دويلة كردية شبه مستقلة في شمال سوريا. وفي 8 يونيو، ألمح رئيس الوزراء التركي ابن علي يلدريم بقوة إلى تدخل عسكري قائلاً «سنقوم فوراً بالرد اللازم إذا واجهنا في الرقة وضعاً يهدد أمننا».
والمقاتل عوض (32 سنة) من أبناء الرقة، وقد فرّ من المدينة قبيل سيطرة «داعش» عليها ثم انضم إلى قوات سوريا الديمقراطية، التي تقول الولايات المتحدة إنها تضم في صفوفها 13 ألف مقاتل. وفي مقابلة هاتفية مع «ذي إندبندنت»، قدم عوض وصفاً للظروف على خط الجبهة، الذي تقول قوات سوريا الديمقراطية إنه يبعد 3 كلم عن الرقة من جهة الغرب والشمال، وكلم واحد من جهة الشرق. وقد بدأت قوات سوريا الديمقراطية بالتقدم في بعض أحياء المدينة، وتقدر الولايات المتحدة أن ما بين 3000 و4000 مقاتل «داعشي» موجودون في الرقة، لكنهم معزولون هناك لأن الضربات الجوية التي شنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة دمرت آخر جسرين يربطان المدينة بالضفة الجنوبية لنهر الفرات. ومقاتلو «داعش» لا يمكنهم اجتياز النهر إلّا بواسطة قوارب، ولكنهم سيكونون عندئذ مكشوفين أمام ضربات جوية.
وقال عوض: «معظم مقاتلي «داعش» الذين كانوا منتشرين في محيط الرقة انسحبوا إلى داخل المدينة، ولو أن بعضهم لا يزالون يقاتلون بشراسة ولا يتركون مواقعهم حتى يقتلوا. وقد قتلنا عشرات منهم عندما حررنا المنصورة إلى الغرب من الرقة، وسد البعث على الفرات والذي أعادت قوات سوريا الديمقراطية تسميته سد الحرية. علاوة على ذلك، تمكنا من صد الهجمات المضادة ل «داعش»».
وقوات سوريا الديمقراطية سيطرت أيضاً على سد الطبقة، الأكبر في سوريا ويقع قرب بلدة الطبقة على مسافة 40 كلم إلى الغرب من الرقة.
وفي مايو قررت الولايات المتحدة دعم قوات سوريا الديمقراطية بأسلحة إضافية، تشمل عربات مدرعة، وأسلحة مضادة للدبابات، ومدافع مورتر ومدافع رشاشة ثقيلة، وذلك بالرغم من معارضة قوية من جانب تركيا.
ومع أن وحدات «داعش» أخذت تنسحب من مواقعها حول الرقة أمام تقدم قوات سوريا الديمقراطية وتحت ضغط الضربات الجوية الأمريكية، إلّا أن مقاتلي «داعش» لا يزالون يقاتلون بشراسة. ويتوقع أن يتضح قريباً ما إذا كان «داعش» سيحاول الدفاع عن الرقة بقوة والمخاطرة بخسارة العديد من مقاتليه الذين عركتهم الحرب. ومن الممكن أن يطبق «داعش» في الرقة أساليبه القتالية ذاتها في الموصل بهدف إطالة أمد القتال. ولكن الرقة أصغر جغرافياً، وهي تضم سكاناً أقل من الموصل. ويعتقد عوض أن حصار الرقة لن يطول بقدر ما طال أمده في الموصل، وهو يشتبه في أن مقاتلي «داعش» في الرقة قد لا يقاتلون بالتصميم ذاته الذي أظهره «الدواعش» في الموصل.
وقال عوض أيضاً إن الخبرة العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية وقوة نيرانها تعززتا كثيراً بفضل الدعم الأمريكي. وقال: «طائرات وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة تعمل بفاعلية معنا، ويوجد بيننا العديد من الخبراء الأمريكيين الذين يدربون قادتنا وضباطنا على استخدام أسلحة وأساليب قتالية جديدة. وفي كل أسبوع، نتسلم الكثير من الأسلحة على الجبهات الثلاث حول الرقة».
* صحفي وكاتب إيرلندي خبير في شؤون الشرق الأوسط – موقع «كاونتر بانش»

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى