قضايا ودراسات

نذر حرب في كوريا

أندري أكولوف *

إذا جمعنا المعلومات القليلة الآتية من مصادر مختلفة، نستنتج عندئذ أن قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية وقائية إلى كوريا الشمالية هو إمكانية قد تتحول إلى واقع في وقت قريب.
الجميع يعرفون أن مثل هذه الضربة العسكرية ستنطوي على مضامين خطرة. ويبدو أن أحداً لا يرغب في مثل هذه الضربة؛ لكن هناك من الأسباب التي تحمل على الاعتقاد بأن ضربة يمكن أن تحدث قريباً. لقد أشرف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج – أون على اختبار نظام سلاح جديد مضاد للطائرات وأمر بإنتاجه على نطاق واسع ونشره عبر كل أنحاء البلاد. ويتزامن ذلك مع سلسلة تجارب صاروخية تجريها كوريا الشمالية بصورة متتالية.
والبرنامج الصاروخي لكوريا الشمالية يتقدم بأسرع مما كان متوقعاً، بالرغم من إدانة مجلس الأمن الدولي لتجاربها الصاروخية المتتالية ومطالبته بيونج يانج بوقفها، ولكن كوريا الشمالية تحدت جميع الدعوات لكي توقف برامجها الصاروخية والنووية، بما فيها دعوات الصين وروسيا. وتعلن القيادة الكورية الشمالية على الملأ أنها تعمل على تطوير صاروخ مزود برأس حربي نووي يمكنه أن يطال الأراضي الأمريكية. والتجارب الصاروخية الأخيرة هي خطوات باتجاه تحقيق هذا الهدف.
وحتى الآن، أجرت كوريا الشمالية خمس تجارب نووية، بما فيها اثنتان العام الماضي.
وخلال القمة الأمريكية – الصينية في أوائل إبريل/ نيسان في ولاية فلوريدا الأمريكية، طلب الرئيس الصيني شي جين بينج من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «مهلة» 100 يوم لكي يتعامل مع الاستفزازات العسكرية لكوريا الشمالية، ولكن التجارب الصاروخية الكورية الشمالية الأخيرة تثير شكوكاً حول إمكانية لجم بيونج يانج. ومهلة ال 100 يوم تنتهي بحدود موعد قمة مجموعة العشرين المقررة في ألمانيا يومي 7 و8 يوليو/ تموز، التي تأتي مشكلة كوريا الشمالية في صدارة جدول أعمالها. وينتظر أن يناقش الرئيسان الأمريكي والصيني هذه المسألة الساخنة على هامش القمة. في هذه الأثناء، ستنشر الولايات المتحدة قريباً حاملة طائرات من فئة «نيميتز» العملاقة في غرب المحيط الهادي لكي تنضم إلى حاملتي طائرات سبق أن أرسلتا إلى منطقة قريبة من كوريا الشمالية – هما الحاملة «كارل فينسون» والحاملة «رونالد ريجان». وتشكل هذه الحاملات مع مجموعات سفنها الحربية قوة ضاربة ضخمة يوحي نشرها بأن عملية عسكرية على نطاق واسع قد تحدث قريباً.
وفي الوقت الراهن، تستعد الولايات المتحدة لإجراء سلسلة تجارب جديدة لاختبار أنظمة صواريخ مضادة للصواريخ البالستية. وهذه التجارب ستشمل محاكاة لمواجهة بين صواريخ كورية شمالية وصواريخ مضادة أمريكية.
وإضافة إلى كل ذلك، كشفت وسائل الإعلام الأمريكية حديثاً أن الجيش الأمريكي أرسل غواصتين مسيرتين بالطاقة النووية باتجاه كوريا الشمالية. وحسب هذه التقارير، فإن الرئيس ترامب سبق أن أرسل الغواصة حاملة الصواريخ الموجهة «ميشيجان» للقيام بزيارة إلى ميناء بوسان في كوريا الجنوبية (يوم 25 إبريل/ نيسان)، والغواصة المماثلة «شايان» للقيام بزيارة إلى اليابان (في 2 مايو/ أيار).
والرئيس ترامب سبق أن أعلن أن «نزاعاً كبيراً» مع كوريا الشمالية يمكن أن يحدث؛ بسبب برامجها الصاروخية والنووية، وقال: إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، ولكن لوحظ أيضاً أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أدلى بتصريح في 19 مايو/أيار عبر فيه عن موقف متحفظ إزاء القيام بعمل عسكري ضد كوريا الشمالية في وقت قريب.
وفي جميع الأحوال، الوضع الحالي مقلق. والطريقة الأمثل، والمجربة، للتعامل مع مثل هذا الوضع هي شن حرب سريعة تنتهي بانتصار. ومثل هذه الحرب تنطوي على مخاطر كبيرة.

* كولونيل متقاعد ومحلل في مسائل الأمن الدولي مقره في موسكو – موقع «استراتيجيك كلتشر»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى