قضايا ودراسات

نزيف بلا نهاية

خيري منصور
هل عادت القضية الفلسطينية إلى سطح الطاولة بعد أن أوشكت أن تطوى في الأدراج والملفات؟ هذا السؤال غالباً ما يطرح عندما يبادر طرف ما سواء كان دولياً أو إقليمياً إلى المطالبة باستئناف المفاوضات؛ لأن هذه القضية ليست مجرد عامل مساعد في كيمياء السياسة ومعادلاتها خصوصاً في الشرق الأوسط، وهناك شبه إجماع على أن الاستقرار المنشود لا يمكن له أن يتحقق إذا بقيت هذه القضية معلقة. ولا نبالغ إذا قلنا إن الجهد والوقت اللذين أنفقا منذ ثلاثة عقود في المفاوضات كانا يكفيان لحلّ لغز كوني، لكن المفاوضات من أجل المفاوضات فقط هي استراتيجية تستهدف كسب الوقت لدى طرف في الصراع وإضاعته لدى طرف آخر!
وذات يوم عبر صحفي فرنسي عن المفاوضات الفلسطينية مع سلطات الاحتلال قائلاً: إن هناك من يتدفأ في جو بارد وممطر مقابل آخر يقف في العراء خلف النافذة. وهذا بحدّ ذاته خلل جذري، لأن هناك من هو في عجلة من أمره مقابل آخر ليس متعجلاً، بل يستفيد من التأجيل، وكان يقصد استثمار الاحتلال للوقت من أجل مواصلة الاستيطان وقضم الأرض!
كانت الدولة الفلسطينية أحد وعود الرئيس الأمريكي السابق أوباما منذ فوزه في الفترة الانتخابية الأولى، لكن الوعد لم يتحقق شأن وعود أخرى عرقوبية وغادر أوباما البيت الأبيض وهي معلقة.
الآن يقول الرئيس ترامب في أكثر من مناسبة إن إنهاء هذا الصراع يجب أن يكون من الأولويات، وفي رحلته الأخيرة إلى فلسطين رأى المشهد عن كثب وتزامنت زيارته مع إضراب شامل في قرى فلسطين ومدنها وزنازين أسراها!
فهل أزف الوقت لوضع حدّ لهذا النزيف؟ فالأمر لا يحتاج إلى اجتراح معجزة، أو إعادة اختراع العجلة واكتشاف البرونز.
وبمقدور الإدارة الأمريكية أن تضغط على الدولة العبرية لزحزحتها عن مواقف راديكالية خصوصاً بعد أن أظهر الطرف الفلسطيني مرونة لمسها الرئيس الأمريكي حين التقى الرئيس «أبو مازن» في البيت الأبيض.
إن إنهاء هذا الصراع ليس مستحيلاً رابعاً يضاف إلى العنقاء والغول والخلّ الوفي، لأن المستفيد من إيقاف النزيف ليس الفلسطينيون وحدهم!Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى