قضايا ودراسات

نصف قرن على النكسة

صادق ناشر
غداً الاثنين تحل ذكرى مرور 50 عاماً على هزيمة 1967، والمعروفة ب«النكسة»، وتصادف الخامس من يونيو/ حزيران، حيث اعتدت «إسرائيل» على العرب في حرب خاطفة واحتلت الضفة الغربية وسيناء ومرتفعات الجولان السورية، رد عليها العرب في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973، ب«حرب العاشر من رمضان»، لكن العرب توقفوا بعدها عن خوض أي معارك عسكرية واستبدلوها بحروب سياسية وقانونية، وخاصة بعد الزيارة الشهيرة للرئيس المصري أنور السادات إلى القدس في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1977 وإلقاء خطاب في «الكنيست» الصهيوني معتبراً أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب، ثم تلاحقت الأحداث لنصل إلى ما نحن عليه اليوم نستجدي السلام من موقع غير ذلك الذي كنا عليه قبل النكسة وما بعد حرب العبور.
خمسون عاماً بالتمام والكمال، ومازال الكثير من المعاصرين لهزيمة 5 يونيو يتذكرون تفاصيل ما جرى في ذلك التاريخ، وما تلته من تداعيات ما زلنا نحصد ثمارها حتى اليوم. صحيح أن حرب أكتوبر عام 1973 أعادت للعرب بعض الكرامة المهدورة، وكان بإمكانهم أن يذهبوا إلى أبعد مما وصلوا إليه، إلا أن التطورات اللاحقة أكدت أنهم فقدوا البوصلة، ومعها فقدوا القدرة على التأثير في مجريات الأحداث التي كانت البلاد العربية، وبالذات فلسطين مسرحاً لها.
أضاع العرب فرصاً كثيرة لتعويض الهزائم والخسائر التي تعرضوا لها في الحروب التي خاضوها ضد «إسرائيل» طوال العقود الماضية، والحقيقة أن الذنب ليس ذنب الشعوب، بقدر ما كان ذنب الأنظمة التي تراخت في الدفاع عن القضية المركزية للعرب جميعاً، وهي القضية الفلسطينية، وهرول البعض للتطبيع مع «إسرائيل» اعتقاداً منهم بأن ذلك سيجلب لبلدانهم السلام، لكنهم لم يجنوا سوى قبض ريح.
بعد خمسين عاماً على النكسة، تغير المشهد كلياً، وصرنا نلهث وراء سلام عبارة عن سراب، وحتى قبولنا بدولة فلسطينية رسمت حدودها ضربة حزيران 1967، ولم نخترها نحن، لم تعد مقبولة من قبل «إسرائيل» ولا من الحامي لها الولايات المتحدة، فالدولتان تضعان العراقيل لإنجاز سلام عادل، وهذه العراقيل تتزايد مع كل يوم، فيما الحقوق تتآكل مع استمرار الانتهاكات التي تمارسها الدولة العبرية في الأراضي المحتلة، والهادفة إلى طمس الهوية العربية عن فلسطين.
خمسون عاماً من الانكسار والإحباط، هو أقل ما يمكن أن يقال عن ذكرى نكبة حزيران 1967، وهي مناسبة يجب الوقوف أمامها لاستخلاص العبر، والانطلاق نحو رؤية جديدة للتعاطي مع المستقبل، فمن الواضح أن التنازلات التي قدمها العرب ل«إسرائيل» وتحت ضغوط الولايات المتحدة، لم تعد كافية للحصول على دولة فلسطينية على حدود 1967، وطالما أن العرب ما زالوا يراهنون على دور أمريكي وأوروبي فاعل من أجل تحقيق ذلك فإنهم يشترون الوهم، فالولايات المتحدة، ومعها أوروبا، مع اختلاف وجهات نظر بعض دولها حول القضية، لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية لاعتقادها أن ذلك بداية نهاية «إسرائيل» وتآكل نفوذها في منطقة الشرق الأوسط بأكملها.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى