نفد الصبر ونفذ السهم
عبدالله الهدية الشحي
من منا لم يقرأ قصة الكاتب الفرنسي الشهير لافونتين التي ورد فيها أن ضفدعة ذهبت ذات يوم هي وأختها إلي السوق وهما لا يعلمان ما سيكون مصيرهما. وقد استبد بإحداهما الغرور عندما رأت ثوراً ضخماً يشرب من نبع ماء صافٍ فشعرت بغيرة شديدة لحجمها الصغير بالمقارنة مع حجم الثور الكبير فقادها غرورها وحقدها عليه إلى أن تساوي الثور في الحجم فتشنجت وتمددت وقالت لأختها: انظري هل سأساويه في الحجم، فقالت لها أختها: اتركي ما ليس لك وتعالي نذهب معا كي نبحث عما يسد رمقنا ولكن غيرتها من ضخامة الثور جعلتها تتصرف من دون وعي أو إدراك فأخذت تشرب الماء ظناً منها أن الماء سيملأ بطنها وأحشاءها فينمو جسمها وتساوي الثور حجماً. وظلت تشرب الماء وفي كل مرة تسأل أختها: هل أصبحت مثله فتجيبها أختها بالنفي فتعود إلى الشرب إلي أن انتفخت حتى انفجرت فما كان من أختها إلا أن حملتها ورجعت بها إلي المكان الذي جاءتا منه.
نعم هذا هو حال كل من يصيبه الغرور ويملأه الكبر والحقد، وهو ذاته حال أولئك الأدعياء أصحاب الزور المسكونين بمـا لا يقدرون عليه. وهذا أيضاً حال كل من لا يعرف حجمه الحقيقي ومقدرته الفعلية فيصبح ظالماً لنفسه حين يقوده الحقد والغرور إلى الاختناق وهو يعلم أنه يسوق نفسه قسراً إلى الموت. وهذا هو حال حكام قطر الذين خنقوا أنفسهم حين زجوا بها نحو التهلكة منذ عقدين من الزمن برعايتهم لجماعة «الإخوان المسلمين» وما شابهها من الفرق الضالة وجماعات التكفير وحشد القتل والتدمير.
من منا لا يعرف شطر بيت الشاعر العربي أبوبكر بن عمار الأندلسي الذي قاله منذ زمن وكأنه يصف حال حكام قطر اليوم: (كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد) فها هي حكومة قطر تتشدق بتصريحات علاقتها الحميمة مع من يشابهها في نشر الشر والتدخل في شأننا العربي مع محور الشر الإقليمي والعالمي مع إيران وحكامها الملالي أصحاب مشروع الهلال الشيعي الذي يريدون زرعه في خاصرة الوطن العربي.
وليت هذا الانتفاخ بقي محصوراً في حكومة قطر وأحبابهم حكام طهران ولم يصل إلى أفواه وعبارات الحاقدين على دول التحالف العربي من أدعياء التحليل الإخباري ومزوري الحقائق ممن يدعون أنهم خبراء إعلام وسياسة واستراتيجيات دولية وهم في الحقيقة أضل سبيلاً من التائهين في صحراء السخافة وخاصة أولئك الذين يؤججهم الحقد ومن يعمل الانتفاخ في بطونهم ما لا يعمله الإسهال الشديد فيقلبون عبر المحطات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي الحقائق بكل حماقة ويقولبون الأحداث بكل غباء ويزورون الحقائق بكل وقاحة وهم يدركون أنه كلما زاد مغص الحقد والكراهية في بطونهم ازدادوا صراخاً وكلما تقيؤوا كذباً وإفكاً ونفاقاً ازدادت بطون جيوبهم من المال القطري.
من منا لم يقرأ قصة الثعلب الذي سأل جملاً واقفاً على الضفة الأخرى من النهر: إلى أين يصل عمق ماء النهر؟ فأجابه الجمل: إلى الركبة، فقفز الثعلب في النهر وإذ بالماء يغطيه وحين استطاع أن يقف على صخرة بعد جهدِ مضنٍ صرخ في وجه الجمل قائلاً: ألم تقل لي إن الماء يصل إلى الركبة؟ فأجاب الجمل: نعم يصل إلى ركبتي لا ركبتك. هكذا هي إيران والتقية في سياستها حين تغرر بأذنابها أعداء العروبة. وهذا حال قطر معها التي تغرق اليوم وحدها بعد أن خذلتها إيران التي اتخذتها خليلة ومستشارة لها، فهل ينفع الندم وقد نفد الصبر ونفذ السهم؟
aaa_alhadiya@hotmail.com