نموذج موجابي
صادق ناشر
نموذج الرئيس الزيمبابوي روبرت موجابي، ليس جديداً، فمثل هذه النماذج موجودة في معظم البلاد العربية والإفريقية، التي يرفض رؤساؤها الخروج من السلطة إلا على نقالة وإلى القبر مباشرة.
ماذا يمكن أن يقدم شخص يبلغ من العمر 93 عاماً لشعبه ولمؤسسات الحكم التي يديرها منذ نهاية حكم الأقلية البيضاء في عام 1980، غير أن يزيد إغراقها بالفساد أكثر وأكثر. وفي حالة موجابي، الرجل صار واحداً من الزعماء الأفارقة المعمرين في الحكم، ويريد أن يمنح المنصب إلى زوجته، جريس موجابي، التي عملت خلال السنوات الماضية على إبعاد خصومها الرئيسيين للانفراد بالسلطة، أو بالأصح وراثة حكم الرئيس العجوز، خاصة أنها تصغره بنحو 40 عاماً.
ملابسات الأحداث الأخيرة التي شهدتها زيمبابوي، حيث تم وضع الرئيس الكهل تحت الإقامة الجبرية، من قبل الجيش، تشير إلى أن زيمبابوي، وبتنسيق بين الجيش والمعارضة، وحتى حزب موجابي نفسه، ترغب في طي صفحة الرئيس الكهل، والتوجه نحو تشكيل حكومة جديدة تتسلم السلطة منه، على طريق إجراء انتخابات جديدة تجلب رئيساً جديداً للبلاد وتمنع دخولها في دوامة من الفوضى في حالة تم تسليم السلطة إلى زوجته.
الحزب الحاكم في زيمبابوي، وهو «الاتحاد الوطني الإفريقي لزيمبابوي الجبهة الوطنية»، طالب رئيس الحزب ورئيس البلاد رسمياً، بالاستقالة من منصبه، مشيراً إلى أن ممثلين عن جميع لجانه التنسيقية في محافظات البلاد عقدوا اجتماعاً الجمعة، واتفقوا على دعوة موجابي للتنحي عن السلطة وكذلك التخلي عن منصب الأمين العام للاتحاد، بل أكثر من ذلك دعا زوجة الرئيس إلى الانسحاب من الحزب الحاكم.
مضمون بيان الحزب الحاكم يشير إلى العلة التي تعاني منها البلدان المختلفة في إفريقيا، المحكومة بديكتاتوريات شبيهة بديكتاتورية موجابي، عندما أشار إلى أن الرئيس «فقد السيطرة على ما يجري في حزبه وحكومة بلاده بسبب كبر سنه»، لكن المحاولات لإقناع موجابي بالتنحي عن السلطة طوعاً لم تجد قبولاً منه، فالرجل لا يزال يرى في نفسه القدرة على مواصلة الحكم لسنوات أخرى، أو في أسوأ الأحوال أن يسلم السلطة لمن يراه أهلاً لثقته، والحالة هذه لا تنطبق إلا على زوجته.
حلم جريس موجابي بوراثة زوجها ليس جديداً، فقد كانت من أكثر المساهمين في إقالة نائب الرئيس السابق من منصبه وإجباره على ترك البلاد، وتعد من أشد الداعمين لزوجها طوال مسيرته حاكماً لزيمبابوي، وغالباً ما تكون إلى جانبه، وهي صاحبة المقولة الشهيرة في تجمع في 2014 أشارت فيها إلى أنها متأكدة من أن «شعب زيمبابوي سيعيد انتخاب زوجها حتى ولو كان جثة هامدة»، كما أن طموحها في منصب الرئاسة إذا ما تنحى عن السلطة لم يعد خافياً على أحد فقد ردت على سؤال عن ذلك بتساؤل «ألست زيمبابوية أيضاً؟»، لهذا يبدو أن حلم الاستيلاء على السلطة من قبل زوجة موجابي سيضع زيمبابوي في طريقين، إما أزمة تزعزع استقرار البلد لسنوات طويلة أو طي صفحة الرئيس الكهل إلى الأبد.
sadeqnasher8@gmail.comOriginal Article