نهاية «القاعدة» في حضرموت
صادق ناشر
إعلان السلطات اليمنية، أمس الأول، عن الانتهاء بشكل كلي من السيطرة على وادي المسيني في حضرموت، شرقي البلاد، وطرد عناصر تنظيم «القاعدة» الإرهابي التي كانت تتواجد في الوادي، وغيره من المواقع في حضرموت، وشبوة، وأبين، يؤكد جدية السلطات، بمساندة قوات التحالف العربي، في محاربة خطر تنظيم «القاعدة» في الجزيرة العربية، الذي يصنف بأنه واحد من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، وقد شكل صداعاً للسلطات اليمنية حتى في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث اتسع نشاط التنظيم في مناطق مختلفة ونفذ عدة عمليات في الداخل والخارج.
وكان للفراغ الذي تركته الدولة بعد أحداث عام 2011 دور في تمدد التنظيم، خاصة في المناطق الرخوة التي تخف قبضة الدولة فيها بشكل ملحوظ، بالذات في المناطق الجبلية منها، مثل جبال المراقشة في أبين، والعوالق في شبوة، إضافة إلى الوادي في حضرموت، كما كان ل«القاعدة» حضور في مناطق أخرى كثيرة من بينها مأرب والبيضاء، حيث أدى التداخل بين عناصر «القاعدة» وشيوخ القبائل إلى عدم قدرة الدولة على مطاردة عناصر التنظيم، نظراً للحماية التي توفرها لها القبائل، خاصة أن عدداً من أبناء القبائل ينتمون إلى التنظيم.
وقد استغل تنظيم «القاعدة» الحرب المشتعلة في البلاد ليزيد من نفوذه بشكل أكبر، إلا أن قوات التحالف العربي التي تشارك اليمنيين حربهم ضد الانقلاب الذي نفذته جماعة الحوثي في سبتمبر/ أيلول من عام 2014، أولت هذه القضية اهتماماً كبيراً، وقد تمكنت خلال العامين الأخيرين من دحر عناصر التنظيم في كثير من مواقعه، خاصة في أبين ولحج وشبوة، وأخيراً في حضرموت، حيث كان للقوات الإماراتية دور بارز في تنشيط عمليات المطاردة والملاحقة لعناصر التنظيم، وتمكنت بتنسيق كامل مع السلطات اليمنية من طرد «القاعدة» في كل من أبين، وشبوة، وجاء الدور على حضور التنظيم في حضرموت، حيث خاضت النخبة الحضرمية قتالاً مدعوماً بإسناد جوي من القوات الإماراتية، للتخلص النهائي من التنظيم في وادي المسيني الذي كان يعد واحداً من معاقله المهمة التي لجأ إليها بعد الضربات التي تلقاها في أبين وشبوة.
لم تكن المعارك التي خاضتها قوات النخبة الحضرمية والشبوانية مؤخراً، للتخلص من حضور تنظيم القاعدة في المحافظتين سهلة، فالتنظيم كان يدرك أنه يخسر مع مرور كل يوم المزيد من النفوذ الذي كان يتمتع به في هذه المناطق، والدليل على ذلك كمية الأسلحة التي تم العثور عليها في المناطق التي كان يتواجد فيها، والتي كانت تستخدم في العمليات الإرهابية التي كان ينفذها ضد قوات الجيش، واستهداف المؤسسات المدنية.
وتعطي الانتصارات الأخيرة ضد تنظيم «القاعدة» في حضرموت رسالة قوية مضمونها أن تجفيف منابع التنظيم في مختلف الأراضي اليمنية هدف لن تحيد عنه قوات التحالف العربي، وأنها مستمرة في ملاحقة عناصر التنظيم في أي مكان يتواجد فيه، خاصة في المناطق التي تم تحريرها، لأن القضاء على خطر «القاعدة» يرسخ الأمن في هذه المناطق، ويهيئها لإعادة البناء، والاستقرار.
sadeqnasher8@gmail.com