غير مصنفة

هل انتهى «داعش» فعلاً؟

صادق ناشر

احتفل العراق بطرد آخر فلول تنظيم «داعش» من الأراضي التي ظل مسيطراً عليها منذ عدة سنوات، وقد أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي أن النصر النهائي على التنظيم تحقق بالكامل، مؤكداً أن العراق بكامل أراضيه، بما فيها الحدود مع سوريا، تم تطهيرها من عناصر التنظيم وحضوره.
كان الأمر مفرحاً للكثير من العراقيين، الذين تخلصوا من كابوس التنظيم المتطرف، الذي لم يترك لهم سوى الخراب والدمار حيثما حل، فقد أحال حياة الناس إلى جحيم، وقام بالتنكيل بكل البشر وتدمير كل ما له علاقة بالإنسانية، وتحطيم الآثار التاريخية التي تحكي تاريخ العراق وحضارته، وحول ثروات البلاد إلى مكاسب وزعها على مناصريه، مبدداً مليارات الدولارات في حرب عبثية ليس منها طائل.
وعلى الرغم من إعلان العراق خلو أراضيه من عناصر تنظيم «داعش»، إلا أن المفاجأة كانت في سوريا، حيث عاد التنظيم إلى محافظة إدلب من الباب الخلفي، بعد ما كان الروس ومعهم قوات النظام، قد تمكنوا من طرد التنظيم من المحافظة، بعد ما يقرب من أربع سنوات، وتقول المعلومات إن مجاميع مسلحة من التنظيم عادت لتسيطر على إدلب، إثر مرور أيام فقط من دخول قوات تركية إلى المنطقة، حيث تمكنت مجموعات «داعش» من السيطرة على قرية باشكون، بعد اشتباكات مع تنظيم «هيئة تحرير الشام» أو ما كانت تعرف ب«جبهة النصرة سابقاً».
المواجهات بين التنظيم و«هيئة تحرير الشام» جرت في محافظة حماة المجاورة، حيث تمكن خلالها التنظيم المتطرف من السيطرة على مجموعة قرى في شمال شرقي المحافظة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، والخطوة بحد ذاتها مؤشر خطر لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في حال كسب التنظيم المتطرف مساحة جديدة من الأراضي في سوريا، على الرغم من أن روسيا أعلنت قبل أيام قليلة انتهاء عملياتها في سوريا، وأنها تمكنت من القضاء على خطر تنظيم «داعش» في سوريا بشكل كامل.
ما يخشاه الكثيرون هو أن تتراخى الدولتان المعنيتان بالحرب على «داعش» في ملاحقة التنظيم المتطرف والتخلص من الإرث الذي تركه خلال السنوات القليلة الماضية، ذلك أن عودة التنظيم إلى قواعده السابقة، ستمنحه انتعاشاً إضافياً، وتمكنه من استعادة المبادرة من جديد وإعادة الأمور إلى مربع الصفر، مع أن المؤشرات تشير إلى أن الإجراءات التي اتخذت ضد التنظيم تمكنت من قصم ظهره في معظم المناطق التي كان يتواجد فيها.
حاول التنظيم أن يتخلص مما كان يمتلكه من عناصر متطرفة، فقام بتوزيعهم على مناطق مختلفة من العالم العربي، من بينها ليبيا ومصر، بهدف إعادة خلط الأوراق من جديد، والاستعانة بهم متى كانت الحاجة لهم ضرورية له، وإذا لم تتابع الدولتان المعنيتان تطهير أراضيهما منه، ونقصد العراق وسوريا، إضافة إلى تعاون كافة الدول المعنية، فإن خطر التنظيم سيعود من جديد، وستجد الدولتان نفسيهما أمام تحد إضافي ينبغي القيام به حتى لا يعود الخطر من جديد يهددهما، ويهدد استقرار المنطقة بأسرها.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى