قضايا ودراسات

هل انهار «داعش»؟

صادق ناشر
بعد التطورات الميدانية الكبيرة والمهمة التي شهدتها وتشهدها مدينة الموصل في العراق، هل يمكن القول إن تنظيم «داعش» لفظ أنفاسه الأخيرة، وهل هناك من الدلائل ما يكفي للتأكيد على أن مقتل زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي، إذا ما صحت الرواية الروسية، التي أشارت إلى مقتله، في غارة جوية، ستكون الضربة المميتة للتنظيم الذي تضخم دوره في الفترة القليلة الماضية، وارتكب الكثير من الجرائم في أكثر من منطقة، بخاصة في سوريا والعراق؟
تبدو هزيمة «داعش» متجسدة بشكل جلي، وبصورة أوضح، وأكبر في العمل البربري والهمجي الذي أقدم عليه بتدمير جامع النوري ومئذنته الحدباء، والذي منه أطلق زعيم التنظيم شرارة الفتنة بالخطاب الشهير الذي ألقاه معلناً دولة الخلافة. فتفجير الجامع ومئذنته دليل على أن التنظيم أعلن بطريقة لا تحتاج إلى فهم كبير، أنه انهار، أو على الأقل يلفظ أنفاسه الأخيرة، على الأقل في مدينة الموصل، بعد أن سيطرت القوات العراقية على أغلبية أحياء المدينة المنكوبة، التي تعد ثاني كبرى المدن العراقية، إلا أن التنظيم الذي اتسع نفوذه والمساحة الجغرافية التي تمدد فيها خلال السنتين الأخيرتين بدرجة كبيرة، مازالت لديه القدرة على إحداث مزيد من الدمار والخراب في المناطق التي يسيطر عليها، بخاصة محافظة الأنبار، ومساحات جغرافية كبيرة على الحدود العراقية السورية.
«سياسة الأرض المحروقة» التي اتبعها «داعش» خلال المعركة الأخيرة في الموصل دليل على أن التنظيم لن يتورع عن ارتكاب الكثير من المجازر والدمار بهدف المحافظة على جسمه من الانهيار الكامل، ومثلما عمل على تدمير الكثير من الآثار التاريخية في العراق وسوريا خلال المعارك الأخيرة، لن يتورع عن ارتكاب المزيد مثلها في أماكن أخرى، بخاصة مع شعوره بأنه يفقد نفوذه تدريجياً في المناطق التي كانت بمثابة خزان بشري تمده بالمال والسلاح.
وقد يجد التنظيم نفسه أمام معارك داخلية، حيث سيكون مقاتلوه أمام خيارين، إما القتال حتى الموت، وإما الفرار من المعارك والعودة إلى البلدان التي جاؤوا منها، وفي كلتا الحالتين سيكون التنظيم في وضع قابل للنزف اليومي، بخاصة أن نفوذه بدأ بالانحسار في المناطق التي حكم فيها بالسلاح والترهيب، فحجم الانتهاكات التي ارتكبها التنظيم خلال الفترة القليلة الماضية، يؤكد أنه بلا مشروع، لا ديني ولا إنساني، وأن عمليات القتل وتصفية الخصوم، كانت تتم وفق رؤية ضيقة الأفق غير القادرة على مواكبة العصر.
لقد دخل التنظيم خلال فترة زمنية قصيرة في معارك ضد الحضارة والإنسانية، ولم يترك ما يشفع له عند الناس، فقد دمر وأحرق وارتكب انتهاكات لا حصر لها في المناطق التي ظلت، ولا تزال تحت سيطرته في كل من العراق وسوريا، وقدم صورة سيئة عن الإسلام، بعدما قام بتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية في كثير من الدول، وقد حان الوقت ليتطهر منه العالم ويتخلص من كابوس رافقه سنوات.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى