هل تستقيل ماي؟
صادق ناشر
تواجه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، أزمة حقيقية داخل حزب المحافظين، الذي تتزعمه، بعد استقالة ديفيد كاميرون، على وقع الاستفتاء الذي وافق عليه نسبة ضئيلة من البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي، بعدما أعلن أمس الأول نحو 40 من أعضاء الحزب رغبتهم في أن تتنحى ماي، عن رئاسة الحزب والوزراء، بعد أن أخفقت في إدارة الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد، خاصة ما يتصل بعلاقتها بأوروبا.
يقل العدد المطالب بتنحي ماي عن رئاسة حزب المحافظين وبالتالي عن رئاسة الحكومة الهشة، بنحو ثمانية لتصبح الاستقالة ممكنة، لذلك فإن استقالة ماي يمكنها أن تصبح حقيقية، فيما لو تم جمع العدد المطلوب من أعضاء الحزب لدفعها على الاستقالة خلال الأيام المقبلة.
من الواضح أن تيريزا ماي لم تجد نفسها في موقع مريح منذ أن تسلمت رئاسة حزب المحافظين، ورئاسة الوزراء بعد استقالة ديفيد كاميرون، المؤيد لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، فقد واجهت الكثير من العوائق في طريق تطبيقها للخطة التي قدمتها لتحسين أوضاع البلاد على وقع نتائج الاستفتاء الذي دفع ببريطانيا لأن تكون خارج الاتحاد الأوروبي. ورغم أن سياسة حزب المحافظين لم تتغير كثيراً في المرحلة التي لحقت الاستفتاء ومن ثم الانتخابات، التي خسر فيها الحزب الكثير من المقاعد، إلا أن الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة والاستقالات التي قدمها اثنان من أعضائها مؤخراً، أضرت بالحكومة وبالحزب، إضافة إلى ذلك بدت المفاوضات التي تجريها بريطانيا من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي غير مريحة، خاصة وأن القرار لم يعد في يد حزب بمفرده، بل صار في يد حكومة ائتلافية، ومن شأن هذا أن يعيق معالجة الملفات العالقة في هذه القضية.
ويبدو أن تيريزا ماي، التي كانت ترغب في الحصول على تفويض أكبر لتكون قادرة على تنفيذ مشروع حزبها في مفاوضات «بريكست»، كبلت بقيود عدة، وفق نظرة ورؤية الحكومة الائتلافية الجديدة، التي تشكلت بعد الانتخابات الأخيرة.
ولم تكن قضية الإرهاب بعيدة عن الإخفاقات التي أصابت حكومة ماي، فلا تزال قضية الإرهاب أزمة حقيقية تعاني منها بريطانيا جراء استمرار الأعمال الإرهابية، الأخطر في تاريخ البلاد، فبريطانيا لم تمر عليها موجة إرهابية كالتي تعيشها اليوم، والأمر لا يتعلق بحادثة معينة ولا بحادثة ذات طابع آني، بقدر ما صارت نقطة تحول في المجتمع البريطاني نفسه، الذي امتدت الأزمة إليه، بعدما اكتوى بنار الإرهاب، وبات مقتنعاً بأن القوانين المتبعة في البلاد لم تعد قادرة على زجر الإرهابيين ومنعهم من تنفيذ عملياتهم الإجرامية في مناطق مختلفة، خاصة وأن معظم من نفذ هذه العمليات يحملون الجنسية البريطانية وينتمون إلى بلدان أجنبية عدة.
لا شك أن نتائج الانتخابات أدت إلى انقسام البريطانيين، وكانت لها تداعياتها التي نراها اليوم، فالحكومة لم تعد قادرة على الإيفاء بالالتزامات التي قطعتها على نفسها بعد الانتخابات، فالمراقبون يرون أن بريطانيا اليوم لم تعد كما كانت في السابق، وزاد بعدها عن الاتحاد الأوروبي عزلة أكثر وأكثر.
sadeqnasher8@gmail.comOriginal Article