قضايا ودراسات

هيباتيا.. قال التاريخ كلمته

شيماء المرزوقي

عندما يقدر لك وتمتلك معارف وعلوماً، ويمنحك الله القدرة على التفكير والذكاء، ولكنك تتخلى عن كل هذا أمام سطوة الواقع المرير، أو لأن هناك تهديدات تحيق بك وستؤذيك، من البديهي أن لا يكون هناك لوم أو تأنيب عليك، فأولى مهام الإنسان المحافظة على حياته وسلامتها. ولكن أن تدرك كل هذه الأخطار، ثم لا تتوقف وتواصل جهودك وعلومك، فهنا تكون على درجة من النبل والوفاء للبشرية قلة من يصلها ويتربع عليها.
في قصة هيباتيا السكندرية، التي يقدر ميلادها في عام 350 ووفاتها المريرة كانت في عام 415
م، مشاهد ومعالم على مثل هذا الوفاء النادر جداً للعلم والمعرفة. هي فيلسوفة بل البعض من المؤرخين والدارسين يعدها أول امرأة في التاريخ، يظهر ويبرز أثرها ومنجزاتها العلمية وتعرف بأنها عالمة رياضيات، ومتمرسة في مجال تدريس الفلسفة وعلم الفلك.
قالت عنها الموسوعة البيزنطية التي تعرف اختصاراً باسم «سودا»، والتي صدرت في القرن العاشر الميلادي: «كانت هيباتيا أستاذة فلسفة، وعلّمت فلسفتَي أرسطو وأفلاطون على السواء، وكان بين طلابها عدد من المسيحيين والأجانب، وكانت محل تقدير وإعجاب تلامذتها المسيحيين واعتبرها في العصور اللاحقة بعض المؤلّفين المسيحيين رمزاً للفضيلة». أيضاً تحدث عنها المؤرخ الكنسي سقراط في كتاب قام بتأليفه تحت عنوان «تاريخ الكنيسة»: قال فيه: «كانت هناك امرأة في الإسكندرية تدعى هيباتيا، وهي ابنة الفيلسوف ثيون، كانت بارعة في تحصيل كل العلوم المعاصرة، مما جعلها تتفوق على كل الفلاسفة المعاصرين لها، حيث كانت تقدم تفسيراتها وشروحاتها الفلسفية لمريديها الذين قدموا من كل المناطق، بالإضافة إلى تواضعها الشديد لم تكن تهوى الظهور أمام العامة، رغم ذلك كانت تقف أمام قضاة المدينة وحكامها دون أن تفقد مسلكها المتواضع المهيب الذي كان يميزها عن سواها، والذي أكسبها احترامهم وتقدير الجميع لها، كان والي المدينة واسمه أورستوس، في مقدمة هؤلاء الذين كانوا يكنّون لها عظيم الاحترام».
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى