«وإنني أصلّي»
شيخه الجابري
منذ وعينا القضية ونحن نصلّي من أجلك؛ لأننا نحبك، تاريخنا علّمنا حبك، مناهجنا الدراسية لقّنتنا قيمتك، مواقف قادتنا رسختك في وجداننا، أقلامنا الملونة التي حملنا ونحن صغار نقشتك على دفاتر رسمنا القديمة، فصنعنا أثمن لوحة لأثمن مكان، «يا قدس يا مدينة الصلاة» كنّا نصلي من أجلك، وما زلنا، وستظل رغم هذا التطاول والتجني عليها مدينة الصلاة الساكنة مخيلتنا، وقناعاتنا، وإيماننا بعروبتها الضاربة في عمق التاريخ.
نحب القدس وأقصاها المقدس مسرى رسولنا العظيم خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، المسجد الذي تطاول على تاريخه ترامب ونتنياهو فنسباه إليهما، إلى تاريخ مبتور لا عمق له، ولا كينونة، ولا قيمة.
لقد ارتبطنا بالأقصى وجداناً وإيماناً ومهابةً ورغبة حقيقية في أن يتم تحريره ليعود إلى حضنه العربي، كبرنا وكبُر الحلم معنا، كبُرنا، فضاع الحلم بإرادة شخص واحد، لم يحترم المواثيق الدولية، ولم يلتزم بالحق الشرعي للفلسطينيين في أقصاهم وقدسهم وأرضهم، ونضالهم العظيم عبر التاريخ.
إن ما فعله الرئيس الأمريكي من جانب واحد أثار غضب العالم، فهبّت الكرة الأرضية رافضة فعلته البشعة، وثار الفلسطينيون خوفاً على مدينتهم، وغضباً لما قام به الرئيس الأمريكي الذي يوم أن زار الدول الخليجية والعربية استقبلته بترحاب، وفرح، وعندما غادرها كان في جعبته المليارات التي ما تصور أن يحصدها في جولة واحدة.
لقد أعلنت دولة الإمارات موقفها الرسمي من الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الأمريكي من جانب واحد، وأكدت وقوفها الدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، كما أعلن العالم رفضه لتلك الخطوة، فلماذا لم يهتم ترامب بالعالم من حوله، وزرع الفتنة والعنف والغضب في الشارع الفلسطيني، الذي ستمتد غضبته إلى بقاع أخرى من العالم.
يتحدث ترامب عن خطة جديدة لمعالجة النزاع الفلسطيني «الإسرائيلي»، ويعلن عن قناعته بقدرته على إيجاد صيغة توافقية بين الطرفين، كما هي قناعته بصواب فعلته التي أقدم عليها كسباً لعلاقات مع الإسرائيليين، وربما أيضاً قناعته الأخرى بأن العرب مقدور عليهم، ولن يأخذوا وقتاً طويلاً كي يهدأ غضبهم، وتتغير مواقفهم.
وحده الحب للقدس لن يتغير، ووحدها المناهج الدراسية التي تستطيع أن تزرعه في قلوب الأجيال صرحاً تاريخياً عظيماً ينتمي إليه المسلمون على الأرض قاطبة.
qasaed21@gmail.com