وقت مكتبة المنزل
شيماء المرزوقي
كل مؤلف وكاتب يجب أن يكون قارئاً، لكن كل قارئ ليس بالضرورة أن يكون مؤلفاً وكاتباً، لأن القراءة فعل مشاع عام ليس حكراً على فئة دون أخرى، فالجميع يفترض أن يقرؤوا، الكبير والصغير، الغني والفقير، العامل والعاطل. بمثل هذه الكلمات كانت إجابتي على سؤال لإحدى السيدات الحاضرات في ورشة عن القراءة كنت ألقي فيها كلمة، وكان السؤال: ما جدوى القراءة إذا لم أكن مؤلفة وكاتبة؟
وهذا يوضح أن صورة القراءة ضبابية لدى كثيرين، وأن هناك فهماً خاطئاً لدور القراءة، وعدم معرفة بما تقدمه لنا من مكاسب مهولة وجديرة بالتنبه والإدراك، ولكن ليست المكاسب هي التي تدفع بنا نحو القراءة، ولكن ما تشعرنا به من قوة وتمكين، فعندما تقرأ تكتسب المعلومة، وهذه المعلومة بطريقة أو بأخرى تميزك عن آخرين لا يعرفونها. والذي يخفى على البعض أن القراءة أنواع متعددة، فهناك من يقرأ للمتعة والتسلية، وهناك من يقرأ لسد عجز معرفي في جانب وظيفي أو حياتي، وهناك من يقرأ لأن متطلبات عمله ووظيفته التي هي مورد للرزق تحتاج إلى خبرات ومعارف لن يكتسبها إلا بالقراءة والاطلاع، وهناك من يقرأ لتجاوز متطلبات واختبارات محددة. وتتعدد أنواع القراءة وخياراتها، ولكن يبقى الهدف الرئيسي والسامي منها ماثلاً وبقوة في مختلف تفاصيل حياتنا، وهو الحاجة، فعلى الرغم من أن هناك عزوفاً عن القراءة في مختلف أرجاء العالم، إلا أن هذا لا يلغي أهميتها ولا يلغي حيويتها ولا يلغي بديهيتها. نعيش الآن أيام شهر القراءة، وهي فرصة ثمينة لاقتناء الكتب والبدء بتكوين صداقات معها، وهي الصداقات التي ستثري وتفيد دون أدنى شك. وأعتقد أن مهمتنا نحن الكبار ستكون أكثر مشقة ممن هم أصغر سناً، ولكن هذه المشقة يجب ألا تعزلنا أو تبعدنا عن اقتحام مجال القراءة وسبر أغوارها والتعمق في أتونها، لأن المحصلة والثمار ستكون يانعة ولذيذة ومفيدة جداً. والخطوة الجديرة بالتنفيذ والتطبيق أن يعمل كل رب أسرة على تكوين مكتبة منزلية بكل جدية، وأن يكون موقعها بارزاً وهاماً في البيت، في موقع الكل يتواجد فيه معظم الوقت. وجود مثل هذه المكتبة سيكون ثرياً للأطفال وسيعوّدهم على رؤية الكتب، وبالقليل من التشجيع والتحفيز سيقرؤون وتتعود عقولهم الغضة الصغيرة على زخم المعلومات التي تقدمها الكتب.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com