قضايا ودراسات

يوم التضامن.. والحال الفلسطيني المحزن

د. فايز رشيد

29 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام هو ذكرى قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين (الرقم181 للعام 1947)، وقد حولته الأمم المتحدة إلى يوم للتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة منذ عام 1977. وهو يوم من أجل تحشيد التأييد للقضية والشعب الفلسطيني الذي لا يزال يعاني من أبشع احتلال عرفه التاريخ، وهو الاحتلال الوحيد المتبقي في العالم الذي لا يستجيب لأي شرعية دولية.
بعد مرور 71 عاماً على «قرار تقسيم فلسطين» يحق لشعبنا الفلسطيني أن يوجه أسئلة غاية في الأهمية لتنظيماته وكل قواه الحيّة: كيف نطالب شعوب العالم بالتضامن معنا ونحن غير متضامنين مع أنفسنا، حيث الانقسام الداخلي يتعمق يوماً بعد يوم، والوطن الفلسطيني مستنزف بين «أوطان» ثلاثة، وطن يغتصبه العدو الصهيوني في مناطق عام 1948، ووطن في قطاع غزة يحاصره وتحكمه حركة حماس، ووطن في الضفة الغربية تديره السلطة الفلسطينية فيما تحكمه «إسرائيل» فعلياً وتتحكم به جواً وبراً وبحراً.
بالنسبة لقرار التقسيم فقد رفضه شعبنا آنذاك. لكن حتى لو وافقت القيادات الفلسطينية عام 1947 على القرار فلم يكن ممكناً إقامة الدولة الفلسطينية العربية آنذاك لأنه لا العصابات الصهيونية ولا حليفتها الأمريكية كانت ستسمح بإقامة هذه الدولة. ومن يعتقد عكس ذلك فليقرأ الأدبيات «الإسرائيلية» ومذكرات القادة الصهاينة والوثائق في الأرشيف «الإسرائيلي» حول هذه القضية التي تم الإفراج عنها بعد 40عاماً ( لعل من أشهرها: «يوميات الحرب 1947 – 1949» لديفيد بن غوريون). أحداث الصراع خلال سبعة عقود على وجود هذا المشروع السرطاني الخبيث تثبت بالكامل صحة وجهة النظر هذه. ففي نوفمبر من عام 1967 بعد احتلال كامل الضفة الغربية وغزة والجولان وسيناء مباشرة، قام العدو بضم مدينة القدس المحتلة. وفي عام 1981 قام بضم الجولان، وعلى مدى 70 عاماً سن العشرات من القوانين العنصرية المتماهية مع ادّعاءاته الخرافية التضليلية بالحق في كامل أرض فلسطين التاريخية.
أيضاً، إن القيادة الرسمية الفلسطينية اعترفت ب«إسرائيل» في اتفاقيات أوسلو، وتنادي بحل الدولتين، لكن دولة الاحتلال كانت وما زالت وستظل ضد إقامة هذه الدولة المستقلة ذات السيادة. لذا كان التنازل مجانياً وتم الاعتراف بالعدو من دون ثمن.
في يوم ذكرى التضامن الدولي مع شعبنا لو توجهنا بأسئلتنا إلى قيادات الطرفين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة: أليس من المفروض وقبل أن ندعو العالم إلى التضامن مع قضيتنا أن نتضامن نحن مع أنفسنا(مثلما قلنا) وننهي الانقسام؟ أليس من المفروض وقبل أن ندعو أمتنا العربية إلى بناء استراتيجية جديدة للصراع مع العدو الصهيوني أن نقوم نحن ببناء هذه الاستراتيجية ؟ وأن تحرص قيادة سلطة غزة بألا تكون هناك هدنة دائمة مع «إسرائيل»؟
أليس على السلطة الرسمية أن تمارس أيضاً التكتيك السياسي الصحيح الذي يخدم الاستراتيجية الحقيقية الكفيلة بإجبار الكيان على الاعتراف بحقوق شعبنا؟ ثم نقوم في ما بعد بمطالبة الأمة العربية والعالم بالاحتشاد حولها؟
أسئلة كثيرة من هذا القبيل تفرض نفسها في هذه المناسبة. في صميمها هي مؤلمة ومحزنة كثيراً. الانقسام هو السبب الرئيسي في تراجع المشروع الوطني الفلسطيني. أليس من الضرورة بمكان إجراء مراجعة سياسية شاملة لمرحلة ما بعد أوسلو الكارثة والشؤم، والاستفادة من الأخطاء الكثيرة بل الخطايا التي تم اقترافها؟ ألم يحن الأوان لعدم الوقوع في مطبات جديدة والمراهنة على نهج المفاوضات مع العدو وقد أثبتت عقمها؟ أليس من الضرورة بمكان إلغاء التنسيق الأمني مع هذا العدو؟
إن المطلوب هو إحياء المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها والتشبث بالثوابت الفلسطينية وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية لتكون مجالاً للجمع بين كافة الفصائل وألوان الطيف السياسي الفلسطيني.

Fayez_Rashid@hotmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى