أحمد راشد ثاني
يوسف أبو لوز
استحق أحمد راشد ثاني الاحتفاء والتقدير حاضراً، ويستحق إحياء إرثه الأدبي والبحثي والمسرحي غائباً.. هو الحاضر دائماً في الذاكرة الثقافية الإماراتية والخليجية والعربية، وشكراً جزيلاً لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي على مبادرة الوفاء والتكريم بإعادتها إصدار تسعة عناوين من كتب صاحب «يا الماكل خنيزي ويا الخارف ذهب» وهي أول مجموعة شعرية شعبية لأحمد راشد ثاني، الذي كان أكثر من كاتب واحد فهو شاعر كتب التفعيلة وقصيدة النثر والشعر الشعبي، وهو مسرحي مبكر، وهو باحث في التراث والثقافة الشعبية الإماراتية وهو ناثر شديد الرهافة والحساسية الأدبية النقية، ويمتلك إلى جانب كل ذلك طبيعة نقدية بالغة الثراء، وهو أيضاً قارئ نهم يعرف كيف يذهب إلى النص الذي يغذي ثقافته وينفع شعريته ونثريته وبحثه الدائم عن سر وجوهر كل مفردة وتفصيلة وإشارة في مكانه.. المكان الإماراتي الذي تشرّب روحه ومعناه وهويته منذ أن كان فتى عرف منذ بداية حياته أنه منذور للكتابة.
أحمد راشد ثاني كان محباً وصديقاً حميماً لوسطه الثقافي، وكان اسمه حاضراً بقوة وإلى اليوم في الوسط المسرحي بشكل خاص، وهو حميم ورفيق للشعراء الشباب والجدد الذين ظهروا في ذروة عطائه، ونعرف جيداً حجم حفاوته بالأصوات الشعرية والتجارب المسرحية الجديدة في الإمارات، سواء بالتوجيه المعنوي الصادق، أو بمبادرته دائماً بالكتابة عن الأسماء التي تقترب من روحه وقلبه.
أحمد راشد ثاني كان صديقاً أيضاً لعدد من التشكيليين الإماراتيين، وهو عرف العمل الصحفي في بداية ثمانينات القرن العشرين، وهو أيضاً قريب صديقاً وكاتباً ومثقفاً من الكتّاب والشعراء والروائيين والفنانين في دول الخليج العربي، وبخاصة الشعراء العُمانيين، ولعله أول أو من أوائل الشعراء الإماراتيين، الذين عرفتهم الساحات الأدبية العربية، واسمه حاضر بخصوصية شعرية محترمة في لبنان والأردن والمغرب واليمن ومصر، ومن زيارته إلى الجزائر لأيام معدودة خرج بكتاب عن بلد المليون ونصف المليون شهيد بأسلوبه الرشيق لغة ووصفاً وبلاغة ملمومة.
لا يذهب أحمد راشد ثاني إلى الإنشائيات والتداعيات الفضفاضة، وكتابته دافئة دائماً ذلك أنه يكتب دائماً بشغف وحب للكتابة من أجل الكتابة، ومن أجل مشروعه الثقافي المتعدد.
ترك أحمد راشد ثاني مجموعة من المخطوطات والكتابات التي لم تنشر من قبل الأمر الذي يؤشر على غزارته وإبداعيته الحرة المكتملة بوعي مثقف بنى نفسه بالمعرفة أولاً وأخيراً هو القارئ الذكي لحضارات العالم وللفلسفة بشكل خاص، وكان مهتماً بالثقافة الشعبية في البلدان التي كان يزورها وبذلك كانت لديه دائماً رؤية أدبية نقدية مقارنة تظهر دائماً في كتاباته الماثلة اليوم في الزمن وفي المكان وفي الحياة هو الذي كان يحب الحياة ويقبل عليها بأشواق عظيمة تكمل هاجسه الكتابي ولغته النقية.
أحمد راشد ثاني لن يغيب عن روح الثقافة الإماراتية، فهو كان واحداً من الأوفياء الكبار لهذه الثقافة، ووفاؤه يقابل اليوم بوفاء صادق ونبيل.
yabolouz@gmail.com